المقالات

واقعنا الأسري يستحضر ورقة عمل “الدهمشي”

‏من ينظر إلى واقعنا الأسري الذي نعيشه؛ بين طوفان القنوات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، والمنصات التقنية المفتوحة؛ يجد أن الأسرة لم تعد هي الموجه الرئيس والمربي الأول للابن أو الابنة؛ اللذين يعتبران لبنة المجتمع وتركيبته الأولى؛ نظرًا لأن التركيبة السيكلوجية والاجتماعية؛ قد أصيبت بداء تغير بنائها السليم؛ نتيجة ما تفرزه هذه الوسائل من محتوى ومخزون معرفي يقدح بقيمنا العريقة ومبادئنا الأصيلة التي رسخت بقاءنا وبناء حضارتنا التي سبقت العالم.
وإنني مع هذا التعايش الذي مضينا فيه باستخدامات الفنون الاتصالية الرقمية؛ أستحضر ورقة العمل التي قدمها أستاذ الاتصال والإعلام بجامعة الملك فيصل الدكتور فلاح بن عامر الدهمشي؛ في ملتقى الإعلام الأسري تحت عنوان “دور الأسرة في التربية الإعلامية” عام 2015؛ في محافظة الأحساء؛ عندما تحدث على أهمية دور التربية الإعلامية داخل الأسرة.
بالفعل كان الدهمشي محقًا عندما اعتبر دور الأسرة أكثر تأثيرًا؛ لأن الوالدين هم نقاط القوة في البناء الأسري؛ فالمجتمع وشرائحه المختلفة بحاجة ماسة للتثقيف والتوعية باستخدام وسائل الإعلام والتعرض لها؛ وهنا يظهر مفهوم “التربية الإعلامية”؛ والتي حددها أستاذ الاتصال والإعلام بجامعة الملك فيصل؛ من خلال نهجين، أولهما النهج النظامي: فالتربية الإعلامية النظامية هي التعليم الذي يُوفر داخل المدرسة؛ حيث يركز مشروع “الموجه” على النهج النظامي؛ عبر تدريب المعلمين على تدريس التربية الإعلامية لطلابهم داخل الفصول الدراسية؛ متميزًا هذا النهج بسهولة دمجه في البرامج الحالية لإعداد المعلمين، كما يتميز بأنه أيسر تصميمًا ورصدًا وتطويرًا وتحديثًا.
بينما النهج غير النظامي؛ وهو أوسع نطاقًا وفقًا لرأى “الدهمشي” الذي يشمل مجموعة واسعة من النشاطات والتي تنفذ خارج إطار المناهج المدرسية، ومع التطور التقني الهائل الذي طرأ على وسائل الإعلام في العقود الثلاثة الأخيرة، ويتمثل في إلغاء الحواجز الزمنية والمكانية من خلال تقنية البث الفضائي عبر الأقمار الاصطناعية؛ والتي تطور على إثرها مفهوم الإعلام التربوي، الذي امتد ليشمل الواجبات التربوية لوسائل الإعلام العامة، المتمثلة في السعي لتحقيق الأهداف العامة للتربية في المجتمع، والالتزام بالقيم الأخلاقية.
وهنا مع انفتاح الأجواء الإعلامية على أوسع نطاقٍ لها.. نجد شبابنا وشاباتنا يغيرون من مظاهرهم وتركيبتهم الأخلاقية وقيمهم التي نشأوا عليها.. تحت تبرير “هي الموضة”.. وقد عرجت ورقة عمل “دور الأسرة في التربية الإعلامية”؛ على أسباب هذا التطور الذي لعب دورًا في تغيير مفهوم التربية، وما يتصل بالسلوك وتقويمه، والنظرة إلى التربية على أنها عملية شاملة ومستدامة، وتحررها من قيود النمط المؤسسي الرسمي وانتشار وسائل الإعلام على نطاق واسع.
وقد أنهى الدكتور الدهمشي ورقته بالحديث حول تنامي قدرة التربية على جذب مستقبل الرسالة الإعلامية، وبالتالي قدرتها على القيام بدور تربوي موازٍ لما تقوم به المؤسسة التربوية الرسمية وتسرب بعض القيم السلبية، والعادات الدخيلة على ثقافة المجتمعات؛ وتحديدًا في البلدان النامية تحت غطاء حرية الإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com