المقالات

حياة في الجامعة والابتعاث دروس وعبر (١)

الحلقة الأولى:
كانت فرص وظيفة مُعيد بأم القرى قبل ٣٠ سنة صعبة مع قلة السعوديين بالجامعات، وكنتُ أحلم بها لا سيما أني تركت الطب بجامعة المؤسس عام ١٤١١ للهجرة والتحقت بقسم الكيمياء بمكة، وكان هذا الهدف باعثًا للاجتهاد، وتحقيق معدل امتياز مع مرتبة الشرف والأول على الدفعة، لكن بعد تخرجي مازال الشح قائمًا – أعني بوظيفة مُعيد – فاضطررت للالتحاق بالتدريس بمحافظة الطائف وتحديدًا العطيف على خط الرياض والتي تبعد ٩٠ كيلو عن الطائف، وخلال سنة التدريس نزلت وظيفة معيد بالجامعة؛ فنافست وأنا على رأس العمل عليها، وكان ذلك مأذونًا به نظامًا أعني منافسة الموظفين على الوظائف، وتم اختياري للوظيفة بعد منافسة ٤٠ متقدمًا لها، وكانت العقبة هي موافقة وزارة التعليم التي خاطبتها إدارة التعليم وأبدت موافقتها بنهاية العام الدراسي وللأسف لم تشعرني إدارة التعليم حينها بذلك فبدأ عام جديد وأنا مازلت بالتدريس، ثم رأيت أن أراجع وزارة التعليم بالرياض بنفسي، فقيل لي أرسلنا الموافقة من ٨ أشهر، وبالفعل وجدتها وأهمل الموظف المسؤول إشعاري. ولما أردت إخلاء الطرف قيل لي لا يمكن إلا بالبديل أو نهاية العام الدراسي. مضى على ترشيحي مُعيدًا زمن طويل ولم أنتقل للجامعة، وراجعت الجامعة فقال لي الموظف: لا يمكن أن تنتظرك الوظيفة عامًا وحتمًا ذهبت إلى غيرك، فحوقلت وخرجت وسلمت أنه لا حظ لي فيها، وفي طريقي للخروج تحدثت مع موظف عابر فقال ارجع لوكيل الجامعة، فراجعته فقال: إن كانت لك فلن تذهب، وقال أمهلني أسبوعًا وراجعني، فراجعته بعدها وقال: مازالت الوظيفة شاغرة؛ فعجّل بإخلاء الطرف، وبعد جهد وتوفيق من الله حصلت عليها وانتقلت للجامعة مُعيدًا بها، وكانت هذه المرحلة فارقة في حياتي.

أخرج من هذه القصة أن الرزق إذا كان مكتوبًا فلن يذهب لغيرك، وأن بذل الأسباب في تحصيله أمر واجب وهو من العون عليه؛ فالله يحب بذل الأسباب ويكره التواكل والاستسلام واليأس. وأحيانًا تجد توجيهًا من عابر سبيل لا يعرفك يُغير الله به مجرى حياتك؛ فلا تحتقر كلمة تُنصح بها حائرًا أو سائلًا أو مُستغيثًا.

كما أن وضوح الهدف يجعل الطالب بالجامعة مُركزًا عليه مُجتهدًا في سبيل تحقيقه، وكلما غاب الهدف كان الطالب كسلانًا حائرًا…وكثير من الطلاب حين تسأله عن أهدافه تجده لا يُحسن إجابته، وهنا تقع المسؤولية على الأقسام والمرشدين في توجيه الطلاب والاجتماع بهم من فترة لأخرى، وتزويدهم بمحاضرات توعوية تُنير لهم الطريق.

للحديث بقية عن الحياة الجامعية وسنوات البعثة، وما فيها من طرائف وعبر لعلها تنفع من يقرأها؛ فتحيي همة وتوقظ غافلًا وتزرع أملًا.

– أستاذ الكيمياء بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com