العلم هو المصباح الذي ينير دروب الحياة ويخرج الإنسان من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة. لقد شرف الله العلم وأهله، وجعل العلماء ورثة الأنبياء ومنارات يهتدى بها، وأكرمهم بالسمو والتمكين.
العلم هو مفتاح الدنيا وسبيل الآخرة، وكما قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: “من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أرادهما معًا فعليه بالعلم”.
وقد نبه القرآن الكريم إلى أهمية العلم حين ذكره في مواضع عدة، موجهًا الإنسان إلى أن سلوك طريق المعرفة هو سبيل السعادة وانفتاح العقل ومعايشة الإنسان لواقعه. قال الله تعالى:
“قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” [الزمر: 9].
ومن هذا المنطلق، كان العلم أشرف ما يناله الإنسان، كما قال الشاعر العربي:
العلم أشرف شيء ناله رجلٌ… من لم يكن فيه علمٌ لم يكن رجلًا
تعلّم العلم واعمل ما استطعت به… فالعلم زين لمن بالعلم قد عملا
لكن العلم وحده لا يكفي؛ فقد قيل قديمًا: “علم بلا عمل كسحاب بلا مطر، أو كشجر بلا ثمر”. كما قال الإمام الغزالي: “العلم بدون عمل جنون، والعمل بدون علم لا يكون”.
العلم والعمل متلازمان
إن العلم والعمل لا ينفصلان؛ فالعلم يحتاج إلى الهمة، والإخلاص، والتواضع، إضافة إلى الجد والمثابرة والمذاكرة الدائمة. في هذا السياق، أقتبس قول أحد العلماء:
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ… سأُنبيك عن تأويلها ببيانِ
ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبلغةٌ… وصحبة أستاذٍ وطول زمانِ
العلم هو مراد الدين، وغاية الإنسان، والفيصل بين الخير والشر، وبين الظلام والنور. به يستبين الإنسان الهداية ويعرف طريقه إلى الله. فلا يمكن للجهل أن يكون سبيلًا إلى الملك، ولا يمكن للحضارة أن تُبنى على الجهل.
قال الشاعر العربي:
العز بالعلم لا جاه ولا مال… والفخر بالفضل لا عم ولا خال
وأيضًا قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم… لم يُبنَ ملكٌ على جهلٍ وإقلالِ
قصة ملهمة عن العلم والعمل
من النوادر التي يذكرها العلماء، أحكي هنا عن الشيخ الطاهر بن صالح الجزائري الدمشقي، أحد أكابر العلماء باللغة والأدب في عصره، الذي كان له فضل كبير في النهضة العلمية بالشام، وتخرج على يديه كبار العلماء.
كان الشيخ الطاهر يدخل فصله للتدريس ويقول لطلابه:
“إن المطابع تطبع أحسن ما ينتجه المؤلفون، والمكتبات تعرض أحسن ما تطبعه المطابع، وأنا أذهب إلى المكتبة فأنتقي أحسن ما تبيع المكتبة، ثم أذهب به إلى بيتي، فأقرأ أحسن ما أشتري، ثم بعد ذلك أحفظ أحسن ما أقرأ، وأعطيكم أحسن ما أحفظ.”


