الشعر النسوي هو الشعر الذي كتبته المرأة، وعبر عن همومها، ومشاعرها، وأحاسيسها. ومعروف أن الشعر من أهم الفنون الأدبية التي عرفها العرب منذ القدم، ولأن المرأة جزء من هذه المجتمعات، فقد نظمت الشعر وعبرت عن خلجات نفسها، وبرزت أسماء شاعرات عربيات تميّزن في نظم الشعر، منهن تماضر بنت عمرو الملقبة بـ “الخنساء”، ورابعة العدوية، وولادة بنت المستكفي، وغيرهن.
الخنساء: شاعرة الرثاء وأشعر النساء
الخنساء هي صحابية مخضرمة أدركت الجاهلية والإسلام، وُلِدت في بادية نجد، وكانت وحيدةً لأب عزيز وأخوين كريمين، أُحيطت بعناية كاملة، وتربّت على مكارم الأخلاق وعزّة النفس. برزت في الشعر، حتى أصبحت من نوادر شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام. وقد قال عنها النابغة الذبياني:
“الخنساء أشعر الإنس والجن.”
وكان من أجود شعرها رثاؤها لأخويها “صخر” و”معاوية” اللذين قُتِلا في الجاهلية، ومنه:
أعينيَّ جودا ولا تجمدا… ألا تبكيان لصَخر النَدى
ألا تبكيان الجريء الجميل… ألا تبكيان الفتى السيدا
طويا النجاد رفيع العماد… ساد عشيرته أمردا
رابعة العدوية: شاعرة الحب الإلهي
رابعة العدوية، واسمها رابعة بنت إسماعيل العدوية القيسية البصرية، تُكنّى “أم الخير”، ويُرجّح مولدها في البصرة عام 100هـ. كانت حاضرة الذهن، متقدة الذكاء، وحفظت القرآن الكريم في سنّ مبكرة. تعرضت للرق في شبابها، لكنها تحررت، وتفرغت للعبادة والزهد، وأصبحت رمزا للنزعة الصوفية في الشعر العربي، ومن أجمل أبياتها:
أحبك حبين؛ حب الهوى… وحبًا لأنك أهلٌ لذاكا
فأما الذي هو حب الهوى… فشغلي بذكرك عمن سواكا
وأما الذي أنت أهل له… فكشفك للحجب حتى أراكا
ولادة بنت المستكفي: أميرة الأندلس وشاعرة الحب
ولادة بنت المستكفي بالله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله، كانت والدتها جارية إسبانية جميلة تُدعى “سكري”، وقد ورثت جمالها الأوروبي الأندلسي.
اشتهرت بعشقها للوزير ابن زيدون، وكانت تجتمع معه في مجالس الشعر والغناء التي كانت تقيمها في قصرها. تنوع شعرها بين العفاف والعشق، وبرزت فيه مشاعر الكبرياء والأنفة، خاصةً بعد خيانة ابن زيدون لها، فقالت في أحد أبياتها:
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا… لم تهو جاريتي ولم تتخيّر
وتركت غصنًا مثمرًا بجماله… وجنحت للغصن الذي لم يُثمر
ولقد علمت بأنني بدر السما… لكن ولعت -لشقوتي- بالمشتري
عاشت وحيدة ولم تتزوج، حيث كانت شديدة الكبرياء والفخر بنسبها، وكانت تبحث عن زوج كامل الصفات، وفيّ لا ينظر لغيرها.
هؤلاء الشاعرات الثلاث تركن بصمة خالدة في تاريخ الأدب العربي، فكنّ رمزًا للإبداع والشخصية القوية، وألهمن الأجيال بشعرهن العذب الذي لا يزال يتردد صداه حتى اليوم.


