
يستعد النادي الأهلي لخوض واحدة من أهم المباريات في تاريخه، عندما يواجه كاواساكي الياباني في نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة 2025. فالمباراة تقام على ملعب “الإنماء” بمدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة، بحضور جماهيري متوقع أن يكون كثيفًا ومساندًا، حيث يحلم عشاق الأهلي بتحقيق أول لقب آسيوي في تاريخ النادي. ولكن، ولأن الطريق إلى الذهب محفوف بالتفاصيل الدقيقة، فعلى الأهلي أن يتجنب السقوط في نفس الأخطاء التي أطاحت بالنصر أمام الفريق الياباني في نصف النهائي.
-الاستحواذ لا يعني التفوق: دروس من خسارة النصر
أولى الملاحظات التي ينبغي على الأهلي أخذها بجدية هي أن الاستحواذ على الكرة لا يعني بالضرورة التفوق في النتيجة. فالنصر استحوذ على مجريات المباراة بنسبة بلغت 74%، لكنه لم يتمكن من صناعة سوى 4 فرص حقيقية للتسجيل داخل مناطق جزاء الخصم، هذا الاستحواذ الكثيف، في ظل غياب العمق والفعالية، أصبح سلاحًا سلبيًا استخدمه كاواساكي لصالحه.
الفريق الياباني نجح في إرهاق النصر ذهنيًا وجعل تمريراته تدور بشكل عرضي وعقيم، دون تهديد حقيقي. من هنا، يجب أن يدرك الأهلي أن السيطرة على الكرة لا تكفي، ما لم تُترجم إلى فرص تهديفية واضحة من داخل منطقة الجزاء.
-المرتدات اليابانية: سلاح قاتل يُجيد كاواساكي استخدامه
في المقابل، أظهر كاواساكي قدرة استثنائية على استغلال أنصاف الفرص، حيث سدد تسع مرات فقط طوال المباراة، مقارنة بـ 21 تسديدة للنصر، ورغم ذلك خرج بثلاثة أهداف. هذا المستوى من الفاعلية يُعد مقلقًا، خاصة وأنه كشف عن قدرة كاواساكي على التسجيل من المرتدات والتسديدات البعيدة بدقة عالية. على الأهلي، إذًا، أن يُبقي خطوطه متقاربة عند التقدم، وأن يتجنب المغامرة الهجومية المفرطة التي تترك خلفها مساحات شاسعة، لأن الفريق الياباني قادر على ضرب تلك المساحات بسرعة وذكاء.
الثنائيات البدنية: معركة في قلب الملعب
من الجوانب الأخرى التي أظهرت هشاشة في أداء النصر، كانت الثنائيات والالتحامات البدنية. فقد تفوق كاواساكي بـ 21 تدخل ناجح مقابل 14 فقط للنصر، مما يعكس الحدة التي يلعب بها الفريق الياباني في مواجهة الخصوم.
الأهلي، رغم امتلاكه لاعبين ذوي جودة فنية عالية، إلا أن معدل فوزه بالالتحامات في المباريات الأخيرة لم يتجاوز 52.6%، وهو رقم لا يبعث على الاطمئنان في مواجهة فريق لا يترك كرة دون صراع. فيجب على عناصر الأهلي، خصوصًا في وسط الميدان، أن تلعب بشراسة وصرامة أكبر، لأن معركة خط الوسط ستكون الفاصل الحقيقي في السيطرة على زمام المباراة.
ورغم أن الأهلي يتميز بعدم ارتكاب أخطاء فردية كثيرة في خطي الدفاع والوسط، إذ سُجل عليه خطأ فردي وحيد في آخر 12 مباراة، إلا أن معدل فقدان الكرة خلال المباريات بلغ 117.3 مرة، وهو رقم كبير نسبيًا، وقد يُكلف الفريق كثيرًا إذا تكرر في مباراة تُحسم على جزئيات صغيرة. فقدان الكرة في مناطق البناء أو عند التحول الهجومي، قد يفتح الباب أمام كاواساكي لشن مرتدات قاتلة.
التفوق الهجومي للأهلي: تنوّع وفاعلية تحتاج لحسم
من ناحية أخرى، يتمتع الأهلي بقوة هجومية ضاربة، تجسدت في تسجيله 32 هدفًا خلال 12 مباراة، بمعدل تهديفي ممتاز يبلغ 2.7 هدفًا في المباراة الواحدة. كما يمتلك الفريق تنوعًا في طرق التسجيل، إذ سجل 14 هدفًا بالقدم اليسرى، و13 باليمنى، و5 بالرأس، مما يجعل دفاع كاواساكي أمام تحديات كبيرة.
اللاعبون الأكثر تأثيرًا في منظومة الأهلي هم رياض محرز، الذي صنع 10 أهداف وسجل 7، وإيفان توني، الهداف الأول للفريق بـ19 هدفًا، إلى جانب فيرمينيو، غابري فيجا، وفرانك كيسي، الذين يشكلون عمودًا هجوميًا متينًا، يسانده خط وسط ذكي ومنظم.
الاختلاف التكتيكي: أفضلية للأهلي في المعركة الخططية
المدرب ماتياس يايسله يعتمد على أسلوب 4-2-3-1، وهي طريقة توفر مرونة وتفوقًا عدديًا في وسط الملعب، وتمنح الأهلي القدرة على فرض أسلوبه خاصة أمام كاواساكي الذي يفضل الاعتماد على خطة 4-4-2. التفوق في كثافة وسط الميدان قد يمنح الأهلي الأفضلية في توزيع اللعب وكسر التكتلات اليابانية، لكنه سيتطلب تركيزًا عاليًا وانضباطًا تكتيكيًا مستمرًا طوال دقائق المباراة.
في ضوء ما سبق، لا يملك الأهلي رفاهية الوقوع في نفس أخطاء النصر. عليه أن يلعب بذكاء، ويوازن بين المبادرة والتحفظ، ويستغل نقاط قوته دون تهور، ويتفادى نقاط ضعفه التي قد تمنح كاواساكي المفتاح لحسم المواجهة. النهائي يُلعب على أرض الأهلي وبين جماهيره، وهو ما يشكل دافعًا قويًا، لكنه لا يُغني عن الحذر، ولا يُبرر التراخي.
باختصار، الأهلي يمتلك كل ما يلزم للفوز: الجودة، التنظيم، الجمهور، والرغبة. ولكن كرة القدم تُكافئ الفريق الذي يُدير التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة. وإذا أراد الأهلي أن يُسطّر اسمه بين أبطال القارة، فعليه أن يتجنب أخطاء النصر، وأن يلعب وكأن كل دقيقة في المباراة هي لحظة نهائية بحد ذاتها.
ويدخل النادي الأهلي هذا النهائي وسط آمال جماهيرية واسعة، خاصة بعد مشوار مميز أطاح فيه بغريمه الهلال في نصف النهائي بنتيجة 3-1، مؤكدًا قدرته على الظهور القاري القوي. وتُعد هذه المباراة هي الثانية للأهلي في نهائي قاري بعد خسارته في نسخة 2012 أمام أولسان هيونداي الكوري الجنوبي بثلاثية نظيفة، ويأمل النادي هذه المرة في كتابة نهاية مختلفة تليق بتاريخه وطموحات جماهيره.
أما فريق كاواساكي الياباني، فيخوض هذا النهائي للمرة الأولى في تاريخه، بعدما تجاوز عقبة النصر السعودي في مباراة دراماتيكية انتهت بفوزه 3-2. وبهذا، أصبح خامس نادٍ ياباني يبلغ نهائي دوري أبطال آسيا بعد فرق أوراوا ريد دايموندز، كاشيما أنتلرز، جامبا أوساكا، ويوكوهاما مارينوس. ما يميز الفريق الياباني هو أسلوبه المتوازن، واعتماده على التنظيم الدفاعي والفعالية الهجومية من أقل عدد من المحاولات.