حسب تقرير Grand View Research Inc قراند فيو الأمريكية للأبحاث والاستشارات في مجال تحليل البيانات وذكاء التسعير ، عن حجم وتوقعات سوق الاختبارات الجينية في المملكة العربية السعودية وذكر التقرير أن سوق الاختبارات الجينية في المملكة العربية السعودية ( حقق إيرادات قدرها 39.8 مليون دولار أمريكي في عام 2024 ، ومن المتوقع أن يصل سوق الاختبارات الجينية في المملكة العربية السعودية إلى إيرادات متوقعة تبلغ 79.4 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2030 ، ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب 12.3٪ لسوق الاختبارات الجينية في المملكة العربية السعودية من عام 2025 إلى عام 2030 ، وأنه من حيث القطاع كان “النسب والعرق” أكبر تطبيق لتوليد الإيرادات في عام 2024 ، واحتل قطاع النسب والعرق القطاع الأكثر ربحا الذي يسجل أسرع نمو خلال الفترة المتوقعة ). وبناء على البيانات المالية التي تؤكد على هجرة ملايين الدولارات من المملكة -قرابة 147 مليون ريال سعودي – وكذلك الأموال المتوقع مهاجرتها بحلول عام 2030 وهو مبلغ – 277 مليون ريال سعودي والمستولى عليها عبر تسويق الوهم على عوام الناس يمكن القول بأن هذه الفحوصات الزائفة مسؤولة عن هجرة تلك الملايين !!
ومن لا يعرف ماهيّة تلك الفحوصات الزائفة فهي فحوصات تسمى (تتبع الأسلاف عبر DNA) والذي صنفته الأروقة الأكاديمية بـ (العلم الزائف) و (التنجيم الجيني) ، وذلك عبر أخذ العينية الجينية عن طريق مسحة مخصصة لداخل فم الفاحص توضع في علبة وترسل للأمريكي والصيني والروسي ليصادق على نسب الفاحص العربي أو لا يصادق عليه !! ، ثم يدخل ذلك المفحوص التعيس في دوامة نفسية بينه وبين ذاته ، وبينه وبين التعساء الفاحصين الآخرين من قبيلته ، لتقوم بينهم عنصرية القرن 21 حيث كل فريق يدّعي أنه الأصل في القبيلة والآخرين دخلاء !! ، بل سلالته المتوهمة هي الممثلة للعرب وغيرها مجرد شعوب دخلت في العرب !! ، دون أي مستند شرعي ولا حتى علمي ، في فوضى لا يمكن وصفها إلا بالتخلّف الجيني ، لدرجة أن أحدهم قد يقبل بالخاطب أو يرفضه بناء على فحصه الجيني ، وسمعت بأذني معاناة فتاة من شقيقها الذي راح ضحية لهذه الأكاذيب الجينية تشتكي منه بعد اصطياده من فاحص جيني والذي أوهمه بأنهم لا ينتمون للقبيلة التي هو منها ، فأصبح محارب لكامل العائلة وسبب قطيعة وطعن في نسب الأسرة الممتدة ! ، وآخر يؤفرق السلالة الفلانية التي قوقزها آخر و هنّدَها آخر ، وكثير منهم يتعنصرون انطلاقا من الأكاذيب الجينية على بعضهم لدرجة لا تصل فقط للطعن في الأنساب بل تصل للطعن في الأعراض والعياذ بالله !! وكثير يطعنون بكل أريحية في أنساب القبائل تحت عبارة تتردد في تلك الأوساط وهي قولهم (موروثاً أنت من القبيلة الفلانية ولكن جينياً أنت لست منهم) في انفصام عقلي لا مكان له في عالم العقلاء !! كيف لا ، وهم جميعاً لم يصلوا لنتيجة متفق عليها بينهم كلهم !! ثم يقولون أنها علمية ، إن كانت هذه علمية فعلى العلم السلام !!
وقد بدأت هذه الأكاذيب الجينية منذ ما يقارب عقدين من الزمن ، حيث ظهر ما يسميه العوام (الفحص الجيني للقبائل) ويقوم بها وسطاء لشركات تجارية كبرى في مختلف دول العالم تجني أموال طائلة من خلال تلك الفحوصات التي تحتوي بيانات وراثية تستفيد منها تلك الشركات زيادة في فائدتها المادية من الفحوصات ، من خلال بيع تلك البيانات الوراثية أو إتاحة قاعدة بياناتها لشركات طبية وجهات استخباراتية لها باع في الحروب البيولوجية أو الأدلجة السياسية ، وكأنها لسان حال تلك الشركات بعد أن كثر عملائها يقول (احلوّت ياقدعان) !! ، ويدّعي أصحاب تلك الأوهام والأكاذيب الجينية أنها علمية بحته وأنها تبين للفاحص أصله القبلي مع أنّ الفاحص هو يعلم قبيلته أصلاً ! ولكن مع قوّة الدعاية من دعاة الوهم الجيني أصبح المتلقي فريسة سهلة لمآرب الفاحص ومصالحه ، سواء كانت مصالح مادية : وهي أرباح يجنيها من تلك الشركات مقابل تكثيف الفحوص والتسويق لها ، أو مصالح شخصية تكمن في صنع مكانة له عبر ادعاء البحث العلمي ، أو تكوين علاقات اجتماعية يجني من وراءها أرباح معنوية مختلفة ، أو قد تكون دوافع طبقية أتاحت لبعض الفاحصين أو بعض المفحوصين التخلص من معاناة طبقية تمارس عليه من فئة ما أو مجتمع ما ، فوجد بيئة خصبة يجد فيها ذاته بعيدا عن تلك الطبقية التي يعاني منها لأن في عالم الوهم الجيني تتساوى كل الطبقات الاجتماعية أمام تلك (السعابيل المفحوصة) لتخلق طبقات أخرى لا تقل سوءا عن تلك التي هرب منها !! ، ومن أمثلة تلك الدعاية التي يعمل عليها هؤلاء المسوقين للوهم الجيني : الدعاية عبر الحرب النفسية للمتلقي من خلال إيهامه بأن هذه الفحوصات هي تطور علمي يجب أن يستسلم له ويسلّم به وإلا فهو متخلف رجعي محارب للعلم ! ، ومنها الدعاية الممارسة على كتب الأنساب المقرّة من أعيان الأمة وعلمائها ومحاولة إسقاطها مقابل تسويق علمية الوهم الجيني بأنه هو المصحح لما في تلك الكتب ! ثم إذا اختلفوا فيما بينهم جعلوا تلك الكتب هي مرجعهم !! ، وهذه أبرز تلك الأساليب الدعائية لذلك الوهم ، مع الإشارة إلى أن كثير من أصحاب النفوذ بتلك الشركات هم يهود يبحثون عن الأسباط الضائعين بالأرض وقد فشلوا في ذلك إذ لا اتفاق بينهم على نتيجة ما ثم يأتي هذا المفحوص التعيس ويريد منهم المصادقة على نسبه لقبيلته !! ، هذا عند غض الطرف عن المشاريع السياسية الأيدلوجية لأولائك المتنفذين ، مع الإشارة إلى رفض الأروقة الأكاديمية لهذه الفحوصات الزائفة وتوضيح أنها مجرد تجارة ، وبأنها ليست من العلمية في شيء ، ومن تلك التحذيرات العلمية الأكاديمية من هذه الأكاذيب الجينية في فحوصات من يدعي صحتها في الأنساب العربية ، ما نشرته جامعة هارفارد الأمريكية في دراسة علمية بعنوان : The Science and Business of Genetic Ancestry Testing بإشراف 14 عالِم متخصص في الحمض النووي والبصمة الوراثية أكدت أن التحليلات الجينية لا تحدد العرق ولا توجد علاقة تربط بين علم الجينات والإثنية أو العرق,حيث جاء في الدراسة: (الناس غالباً ما يشترون الاختبارات الجينية للتعرف على عرقهم أو إثنيتهم , ولكن لا توجد علاقة واضحة بين الحمض النووي للفرد وانتمائه العرقي أو الإثني), ويضيف هؤلاء العلماء: (تزعم العديد من إختبارات السلالة الجينية أيضاً أنها تخبر المستهلكين بمكان نشأة سلالة أجدادهم والمجموعة الاجتماعية التي ينتمي إليها أسلافهم,لكن في الحقيقة نادراً ما تكون أنماط الإقامة الحالية مطابقة لما كان موجوداً في الماضي) ، ثم يأتي أصحاب الدعاية الجينية المنتفعين منها ويمارسون الدعاية لها عبر الحرب النفسية والإرهاب الجينيالوجي -أو إن شئت سمه بالإرهاب النَسَبِي القبائلي- وإظهارها بأنها هي ذاتها فحوص DNA المعتمدة لدى الحكومات في القضاء والمستشفيات !! ،
ومحاربة كل من يوضّح للعوام هذه الكذبة التي يروجون لها عبر إسقاط الجهل العلمي عليه ، مع أن هناك فرق كبير بينهما ، وكل ذلك حتى يتفردون بالسوق المربح مادياً ومعنوياً لهم ، لأن (سعابيل) عوام الناس هي ذلك المربح لسوق نخاستهم الجينية ! ، نعم سوق النخاسة الجينية ؛ لأن الفاحص المنتفع والقائم على المشروع الجيني الزائف هو سيد المشروع لتنفذه فيه ، والمفحوص يبقى رقيق لما يقوله ذلك الفاحص عن نتيجته الجينية الزائفة ، فأصالته وعروبته مرهونة بكلمة من ذلك الفاحص !! فهو السيد لتلك المشاريع الجينية الكاذبة والممنوعة نظاما حسب ما ورد في (نظام حماية البيانات الشخصية) والذي حذّر بشكل واضح من الإفصاح عن البيانات الحساسة والتي من ضمنها البيانات الوراثية ، أو تسريبها خارج المملكة ، وأشار بالعقوبات النظامية على ذلك ، لذلك نعم ، مجال الأكاذيب الجينية هذه هو سوق النخاسة الجينية !!
مع الإشارة إلى أن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة , في المدة من 21-26 / 10 / 1422هـ قد اتخذ عدة قرارات بتلك الفحوصات ومنها : (لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثبتة شرعاً , ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة, لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصوناً لأنسابهم) وقد صادق على هذا القرار والحكم الشرعي عدد من العلماء بالمملكة العربية السعودية ومنهم الشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالله التركي وبمصادقة وختم سماحة مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ، -وللمزيد انظر في سلسلة في حسابي بمنصة X بعنوان “أنساب القبائل الجينية DNA بين العرب البائدة والقرود البائدة”-.
وفي النهاية : كل من وضع أصالته وعروبته ونسبه رهن تلك الأكاذيب الجينية فعليه أن يستحمل الطعن في نسبه ليل نهار ، بل وإخراجه من العروبة ككل ، وربما يصبح أفريقي ويمسي وهو هندي -ولا عيب في ذلك لكن الحديث هنا عن النسب الذي يقرّه المفحوص لنفسه-!! ؛ لأنه هو من وضع الحبل الجيني حول رقبته ودخل برجليه في سوق النخاسة الجينية لفحوصات الأنساب الجينية الزائفة التي هي أموال مهاجرة وبيانات وراثية مسربة وعنصرية القرن 21.
• أكاديمي في الإعلام
وباحث في الأنساب والتاريخ