‏“ذكاء بلا وعي؟” حين يتحول المساعد الذكي إلى قاتل للإبداع!

‏في عصرٍ تتسارع فيه المتغيرات بشكل يفوق قدرتنا على الالتقاط، لم يعد مقبولًا أن نعمل بالطريقة ذاتها كل يوم. بات الجميع مطالبًا بتحسين جودة ما يقدمه، ورفع إنتاجيته إلى أقصى حد ممكن. ومن هنا، بزغ نجم الذكاء الاصطناعي كأداة خارقة قادرة على إحداث قفزة نوعية في حياة المستخدمين. ولكن… هل الاعتماد الكامل عليه هو الطريق الأمثل فعلًا؟

‏نعم، أدوات الذكاء الاصطناعي تستطيع أن ترفع إنتاجيتك أضعافًا مضاعفة — حتى عشر مرات وأكثر في بعض الحالات — ولكن هناك وجه آخر لهذه القصة لا يتم الحديث عنه كثيرًا: الاعتمادية القاتلة.

‏❖ حين يصبح الذكاء الاصطناعي هو الفكرة، لا مجرد مُحسّن لها

‏المشكلة ليست في الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل في الإفراط في الاعتماد عليه. كلّ منا يملك مهارات فريدة تميّزه: طريقته في التفكير، صوته الإبداعي، بصمته في العمل. هذه المهارات هي ما تصنع شخصية الإنسان وتجعله مثيرًا للاهتمام. ولكن حين يبدأ الشخص بتسليم كل مفاتيح الإبداع لهذه الأدوات، يتسلل الخطر بهدوء — خطر فقدان الرغبة، والقدرة، وحتى الشغف ذاته.

‏❖ شات جي بي تي: الصديق المدهش… والخطر الصامت

‏من خلال تجربتي الشخصية، أستطيع القول إن ChatGPT من أكثر الأدوات إغراءً. فهي تفهم شخصيتك، تواكب أسلوبك، وتمنحك حلولًا فورية كما لو أنها مصباح علاء الدين. لكن مع تكرار الاستخدام، تتحول الأداة من مجرد مساعد… إلى عقل بديل. وهنا يبدأ الانحدار.

‏❖ ما الحل؟ التوازن الذكي

‏لا أحد يطلب منك تجاهل الذكاء الاصطناعي، بل العكس تمامًا — عليك استخدامه بذكاء، وليس بكسل. اجعل اعتمادك عليه لا يتجاوز 20٪ من مجمل العمل، بحيث يكون مُحسّنًا لما تفكر به، لا بديلًا عن عملية التفكير نفسها.

‏ابدأ العمل بذاتك: كوّن الفكرة، ضع المخطط، نفّذ الجزء الأصعب بنفسك. ثم، وبعد أن تتأكد من وضوح رؤيتك، دع الذكاء الاصطناعي يساعدك على التطوير، على التحسين، على التدقيق. ولكن لا تدعه يقودك… بل اجعله يسير إلى جوارك.

‏❖ نصيحة أخيرة: لا تفقد ذاتك

‏حافظ على يقظتك العقلية، واحذر من الإدمان المقنّع لهذه الأدوات. تحقّق من كل معلومة، لا تُسلم قراراتك بالكامل لنموذج ذكي قد يخطئ أحيانًا، ولا تتركه يُشكّل إبداعك بدلًا عنك.

‏في نهاية المطاف، الذكاء الاصطناعي ليس أكثر من أداة. وسحر الإبداع الحقيقي… لا يمكن توليده إلا بعقلك أنت.

‏عبدالعزيز اليوسف
‏صانع محتوى ومدرب مختص بالذكاء الاصطناعي التوليدي