المقالات

جبران خليل جبران… الشاعر الذي وُلد قبل أوانه!

الشاعر والأديب اللبناني جبران خليل جبران وُلد عام 1883م في بلدة بشري شمال لبنان لأسرة فقيرة، لكن روحه لم تعرف حدود الوطن، بل حلّقت بين جبال لبنان وغابات بوسطن في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، بعد أن هاجر إليها وهو طفل في سن العاشرة. يُعدّ زعيم الحركة الشعرية الرومانسية، ورائد رابطة شعراء وأدباء المهجر العرب.

ورغم تنقل جبران المستمر مع أسرته بين لبنان وأمريكا، فقد تمكّن من إتقان اللغتين العربية والإنجليزية، وتميّز في دراسة الأدب والتاريخ والفلسفة وفن الرسم.

كتب شاعر المهجر جبران خليل جبران بلغة عربية مترفة، كما كتب باللغة الإنجليزية نثراً يضيء كنجمة هاربة في سماء الشعر؛ إذ تقاطعت في نصوصه الأدبية، شعراً ونثراً، موضوعات الحياة والموت، والحب والألم، والخلاص.

أصدر، بالاشتراك مع رفيق دربه الفنان يوسف الحويك، مجلة “المنارة” في لبنان، كما تمكّن من اقتحام دوائر النخب الفكرية والثقافية، سواء في أمريكا أو في العاصمة الفرنسية باريس، التي كانت من مراكز النهضة الفكرية والثقافية في عصره، ما جعله يمتلك تجارب ثقافية غنية ومتنوعة.

ومن أهم مؤلفاته كتابه “الموسيقى”، الذي ألّفه باللغة العربية عام 1905م، وقد ختم حياته بكتابين نُشرا بعد وفاته عام 1931م، هما “التائه” الصادر عام 1932م، و”حديقة النبي”، ذلك الكتاب الذي ترتجف له القلوب في صمت، وقد نُشر عام 1933م، وترجم إلى قرابة 110 لغات مختلفة، وبيعت منه أكثر من تسعة ملايين نسخة في الولايات المتحدة وحدها عام 1918م. وكتب جبران إلى مي زيادة حول هذا الكتاب قائلاً: “هذا الكتاب فكّرت في كتابته منذ ألف عام.”

خلّف جبران إرثاً غنياً تشهد عليه كبريات المكتبات العالمية، إذ يُقدّر عدد كتبه بـ18 كتاباً، منها 8 باللغة العربية و10 باللغة الإنجليزية.

ويجسّد “متحف جبران”، الذي تم إنشاؤه تخليداً له في بلده الأم لبنان، جزءًا من هذا الإرث. ويُعدّ جبران خليل جبران ثالث أكثر الشعراء الذين بيعت كتبهم حول العالم، بعد كلٍّ من الشاعر والروائي المسرحي الإنجليزي ويليام شكسبير، والشاعر والفيلسوف الصيني لاو تزه، صاحب مقولة: “الطبيعة لا تستعجل، ولكن كل شيء يتم إنجازه.”

ويُعدّ جبران صاحب قصيدة “المواكب”، التي تتكوّن من 203 أبيات، وقد دعا فيها الإنسان إلى التحرّر من قيد العادة وظلم المألوف. كان في فكره ثائراً، وفي قلبه ناسكاً، وفي قلمه موقظاً.

لم يكن جبران مجرد اسم في عالم الأدب، بل كان ناراً هادئة. وقد قال عنه كبار النقاد والكتّاب: “إنه وُلد قبل أوانه، فعاش غريباً، ومات سابقاً لعصره”، تاركاً للعالم نبضاً من الخلود يتردّد في سطور لا تشيخ.

ومن أجمل ما نظم شعراً قوله:

الخيرُ في الناسِ مصنوعٌ إذا جُبِروا
والشرُّ في الناسِ لا يفنى وإن قُبِروا

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى