
جدة – إبراهيم العلياني
كشف القنصل العام لجمهورية العراق في جدة، السيد محمد سمير النقشبندي، أن عدد المعتمرين العراقيين الذين دخلوا المملكة العربية السعودية خلال عام 2024 بلغ نحو 750 ألف معتمر، وهو عدد كبير يُعدّ من الأعلى بين الدول الإسلامية. وأكد في حواره مع صحيفة مكة أن هذا الرقم يعكس ثقة العراقيين في الخدمات السعودية المتميزة، ويُحتم على القنصلية القيام بأدوار مضاعفة في متابعة أحوالهم وتيسير أمورهم، خصوصًا مع قرار المملكة بفتح تأشيرات العمرة على مدار العام.
وأوضح النقشبندي أن القنصلية العراقية في جدة لا تمارس فقط الأعمال القنصلية المعهودة، بل تؤدي أيضًا أدوارًا دبلوماسية وإنسانية وتنموية استثنائية، أبرزها التنسيق المباشر مع الهيئة العليا للحج والعمرة في العراق، ووزارة الحج والعمرة السعودية، ووزارة الخارجية (فرع مكة)، لتسهيل أمور الحجاج والمعتمرين، ومعالجة الحالات الطارئة، مثل الفقدان أو التوقيف أو الحالات الصحية.
خدمات متنوعة ومواقف إنسانية
وفيما يخص الخدمات التي تقدمها القنصلية للجالية في جدة والمناطق الغربية، أشار النقشبندي إلى أنها تشمل إصدار الوكالات، الجوازات، التصديقات، شهادات الميلاد والوفاة، والتواصل مع الجهات الرسمية السعودية في الحالات الخاصة. واستشهد بحادثتين إنسانيتين بارزتين: الأولى لمعتمر عراقي توفي في جدة وأوصى بدفنه في مكة، وقد تدخلت القنصلية لاستصدار الموافقة الرسمية تحقيقًا لوصيته. والثانية لحاجة توفيت قرب المدينة المنورة، وتم بتدخل القنصلية السماح بدفنها في البقيع رغم أن القوانين لا تتيح ذلك عادةً.
وأكد أن القنصلية تسهم كذلك في تعزيز العلاقات التجارية عبر التعاون مع الغرف التجارية في جدة والمنطقة الغربية، وتشهد يوميًا تصديق عشرات الفواتير الخاصة بالشركات السعودية المصدّرة إلى العراق.
الجالية العراقية نموذج للالتزام
وعن أبرز المشكلات التي تواجه العراقيين في السعودية، قال النقشبندي: “المقيمون العراقيون نادرًا ما يواجهون مشكلات، فهم ملتزمون، والأنظمة السعودية واضحة ومنصفة، وكل شيء مؤتمت ويمضي بسلاسة. معظم المشكلات تقع للزائرين نتيجة جهلهم بالقوانين، أما المخالفات القانونية للجالية فهي شبه معدومة مقارنة بجنسيات أخرى.”
نصيحة شبابية وهوية عربية
وعند سؤاله عن النصيحة التي يوجهها لجيل الشباب العراقي بحكم خبرته الطويلة، قال: “لسنا في مقام الواعظين، ولكن نتواصى بأن نعتز بعروبتنا وهويتنا وتاريخ بلداننا. في الغربة لا تُرى إلا كمسلم عربي، لا كعراقي أو سعودي، وهذا يحفّزنا أن نكون أوفياء لأوطاننا، متماسكين بهويتنا الجامعة لا المناطقية أو الطائفية.” وأعرب عن إعجابه العميق باعتزاز الشباب السعودي بهويته وقيادته، داعيًا الله أن يديم على المملكة نعمة الأمن والاستقرار.
قصص إنسانية لا تُنسى
ولم تخلُ فترة عمل النقشبندي في جدة من مواقف إنسانية لافتة، تحدث منها عن امرأة مسنة مصابة بالزهايمر ضاعت في مكة أثناء أدائها العمرة، وتم العثور عليها بالتعاون مع الجهات الأمنية، فاستضافتها القنصلية وقدّمت لها الرعاية الكاملة حتى تم التواصل مع ذويها وإعادتها إلى العراق.
كما استذكر مساهمة المملكة في إجلاء الجالية العراقية من السودان خلال الأزمة الأخيرة، حيث تم استقبالهم في جدة وتأمين سكنهم وتذاكر سفرهم إلى العراق، في مشهد وصفه بـ”النبيل والإنساني”.
يُجسد القنصل محمد سمير النقشبندي نموذجًا للدبلوماسي الحاضر في الميدان، المتابع لقضايا الجالية والمعتمرين بلا كلل، والمبادر إلى تفعيل علاقات بلده في بعدها الديني والاقتصادي والدولي. وبين مهام القنصلية الرسمية، والمواقف الإنسانية التي تُروى، يتضح أن الدبلوماسية العراقية في جدة تعمل بصمت وكفاءة لحماية مصالح أبنائها وتعزيز روابط الأخوّة مع المملكة.






