المقالات

لمجالس الاستشارية الدولية للجامعات: هل فعلتها جامعة أم القرى؟

طالعتنا جامعة أم القرى بمكة المكرمة بخبرٍ مختلف، مفاده تشكيل مجلس استشاري دولي يحمل أسماء ذات رمزية ودلالة متقدمة، من مشارق الأرض إلى مغاربها، حاملةً مهابة أمهات الجامعات الأمريكية والبريطانية والأوروبية والآسيوية، بخبراتٍ تنوعت بين العلوم والقيادة والنظرية والتطبيق.

هذه البادرة غير المسبوقة لجامعة سعودية متعددة التخصصات، والتي ينتسب إليها عدد طلابي وتدريسي ضخم، جاءت لتؤكّد على فهم القائمين عليها لقيمة التحالفات الدولية مع النخب المعرفية العالمية، والتي يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة حين تُفَعّل بشكلٍ سليم.

وعلى رأس هذه المكاسب: نقل الخبرات الدولية في التعليم والإدارة والحوكمة، وتقديم الرؤية الخارجية الموضوعية، وتحسين السمعة الأكاديمية للجامعة، ودعم اتخاذ القرار، مع ربطه بالقضايا الملحّة مثل: تطوير الخطط الاستراتيجية، والارتباط بمنظمات وسوق العمل المحلي والخارجي.

ولأن مثل هذه المجالس الدولية للجامعات ترتبط بقضية مفصلية، وهي جودة المخرجات، فإن إقدام جامعة أم القرى عليها يعكس شجاعةً إدارية وثقة في طاقم العمل، مما يضع على كاهل الجامعة تحديًا حقيقيًا: ألا تتعرض هذه الخطوة الجريئة لمنزلقات تحول هذا القرار الاستراتيجي إلى مجرد رمزية أكثر من فاعلية، أو أن تواجه ضعفًا في المتابعة والتنفيذ، أو تظهر فجوة بين أعضاء المجلس الاستشاري والبيت الداخلي للجامعة حول قضايا الانسجام والتنسيق، أو حتى هوة بين الرؤية المحلية والتطبيق المنشود.

ولأن الطموح كبير، فإن إقدام جامعة أم القرى على هذه الخطوة – في تقديري – يُعد فجر يوم واعد في الفكر القيادي والتشغيلي لهذا الصرح، حينما يتم التخطيط الدقيق لاستثمار هذا المجلس وتقديره حق قدره، على صعيد أمانة المجلس التي يُناط بها دور مفصلي، أو على صعيد الأعضاء الداخليين والخارجيين، وجميع المستفيدين (stakeholders).

ذلك أن المبادرات الطموحة والجريئة لا بد أن يرافقها إجراءات توازيها في الجُرأة والطموح، بحيث تُحسب الخطوات الابتدائية لهذه المبادرة بدقةٍ متناهية، وتُستخدم لغة تواصل شفافة وواضحة بين الأعضاء، لا تقبل أكثر من تفسير، ولا تطرح أكثر من تأويل. فـالبدايات تُلوّن النهايات، كما تقول أدبيات المنطق والفكر الفلسفي.

وعلى الصعيد الشخصي، أشعر بالغبطة لأن هذا القرار في روحه هو تفكير مختلف، وهذه هي طبيعة البدايات الواعدة. وأشعر كذلك بالحماس كون هذه الخطوة قد تؤسّس – حين تنجح – لتعميم واستدراج التجربة من قِبَل جامعات مماثلة في المملكة.

فيكون لـأم القرى، برمزيتها المكانية، قَصَبُ السَّبْق في تقديم نموذجٍ يليق بالوطن وبإنسانه، بإذن الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى