المقالات

العهدة العُمرية… ميثاق في تاريخ مدينة القدس!!

عندما فتح المسلمون القدس في عام (15) من الهجرة النبوية الشريفة، الموافق لسنة 638م، وذلك بعد انتصار المسلمين في معركة اليرموك، حيث دخل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- القدس ليتسلَّم مفاتيحها من بطريرك القدس “صفرونيوس”، قام بكتابة كتابٍ لأهل القدس “إيلياء”، أمَّنهم فيه على ممتلكاتهم وكنائسهم، واشترط ألا يسكن اليهود معهم في القدس.

وقد اعتُبرت هذه الرسالة، أو “العهدة العمرية” كما أُطلق عليها، وثيقةً تاريخية أرست مبادئ العدل والتسامح، وقد خلدها التاريخ كواحدة من أهم وأعظم العهود وأوثقها في تاريخ فلسطين، أُولى القبلتين ومسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مدينة القدس.

ومحتوى “العهدة العمرية” حسب تاريخ الطبري ومجير الدين العليمي المقدسي هو:

“هذا ما أعطى عبدُ الله، عمرُ بنُ الخطاب، أميرُ المؤمنين، أهلَ إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها، وسائر ملتها.. أن لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنقص منها، ولا من حَيِّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحدٌ منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحدٌ من اليهود.

وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن، وعليهم أن يُخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمنٌ على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم.

ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحبَّ من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويُخلي بيعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم.

فمن شاء منهم قعد، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يُحصَد حصادهم.

وعلى ما في هذا الكتاب عهدُ الله وذمةُ رسولِه وذمةُ الخلفاءِ المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.. كُتِب وحُضِر سنة خمس عشرة هجرية”.

شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان.

من قصيدة نظمها الشاعر المصري “محمود غنيم”، والذي يعد واحد من أبرز الشعراء العرب في حينه قال فيها:
يا من يرى عُمراً تكسوه بُردته
والزيت أدمُ له والكوخ مأواهٌ

يهتزٌ كسرى على كٌرسيهٍ فرقاً
من خوفه وملوك الروم تخشاهٌ

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى