المقالات

بين النملة والمريخ .. أنا وأنت لا شيء (2-2)

في مقالي السابق كتبت عن معجزة الله في خلق النملة ، أما اليوم فأتحدث عن الكون ، وعن الأرض بما تحمله من بشر وحجر ، من حيوانات ومخلوقات ، من بحار ومحيطات ، من جبال وغابات ، وأنهار وشلالات ، من غلاف جوي ، وجزر وجليد وأسرار . هذه الأرض ، رغم كل ما تحويه ، لا تمثل إلا جزءاً ضئيلاً لا يكاد يُذكر أمام عظمة هذا الكون الفسيح .

نتأمل في الأرقام التي استقيتها من الذكاء الإصطناعي ، حين محاولتي المقارنة بين حجم الأرض ومن عليها وبين الكون كله . فبحسب إحصاءات 2024 يعيش على الأرض أكثر من ثمانية مليارات إنسان ، على كوكب لا يتجاوز قطره 12742كلم ، تقطعه الطائرة بين أقصى نقطتين خلال عشرين ساعة . بينما يبلغ قطر الشمس وحدها 1،39 مليون كلم . أي أن الشمس أكبر من الأرض بما يعادل 109 مرات . أما نظامنا الشمسي كله فما هو إلا جزء صغير داخل مجرة درب التبانة التي تضم أكثر من مليار نجم ، وهي بدورها واحدة من مئات المليارات – وربما التريليونات – من المجرات في الكون المرصود . ولنا أيضاً ، أن نتأمل المسافة بين الأرض والمريخ والتي تبلغ 54،6 مليون كم ، في أقرب اقتراب ، لندرك مدى ضآلة حجمنا قياساً لحجم الكون . وحين نضع كل ذلك في ميزان التأمل ، ندرك أن الإنسان مهما بلغ من علم وقوة ، يظل كائناً ضئيلاً في بحر هذا الكون العظيم . فما أغرب أن يتنازع البشر ويتخاصمون ، ويشغلهم الغرور ، ويغريهم القتال ، بينما هم في حقيقتهم لا يعدون أن يكونوا نقطة عابرة في فضاء لا نهاية له . ألا يجدر بالبشر أن ينزعوا ما بداخلهم من كراهية وحقد وتعال !؟ ، ولماذا لا يعيشون بسلام ، ويدركون أن الأعمار قصيرة !؟ .
عندما قلت في عنوان المقال ” أنا وأنت … ” فقد قصدت أن أي إنسان في هذه الدنيا ، لا يساوي شيئاً أمام هذا الكون العظيم . فبين إعجاز الله في خلقه للنملة من جهة ، وبين خلقه لهذا الكون العظيم من جهة أخرى ، لا بد وأن يتذكر الإنسان حجمه ومكانته في هذه الدنيا . فمن قرأ المقال ولم ينتبه للأرقام التي وردت فيه ، أتمنى عليه العودة لها ، ليعرف قدر نفسه .
لقد خلق الله البشر في أحسن تقويم ، لكنه سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
ولكم تحياتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى