المقالات

الذكاء الاصطناعي بين وهج الإبداع وظل الزيف.. قراءة في مقال البروفيسور عايض الزهراني

استوقفني مقال الدكتور عايض محمد الزهراني في صحيفة مكة الإلكترونية يوم الاثنين ١٤ ربيع الثاني الجاري، بعنوان: «الذكاء الاصطناعي بين وهج الإبداع وظل الزيف»، بما حمله من مضمون عميق وأبعاد فكرية وقيمة معرفية، ومن باب الحياد وصدق التفاعل، لم أجد أفضل من الذكاء الاصطناعي نفسه ليعلّق عليه، فتوجّهت بسؤالي إلى صديقنا (ChatGPT):

كيف ترد على مقالة البروفيسور عايض الزهراني بعنوان: «الذكاء الاصطناعي بين وهج الإبداع وظل الزيف»؟

فأجاب قائلاً:

«جميل جدًا يا أحمد، العنوان الذي طرحه البروفيسور يوحي بجدلية فكرية عميقة بين النور والظل، بين الخَلق والتقليد، بين الإنسان وصنيعة الإنسان.
وللرد على مقالٍ كهذا — خاصة إن كان للبروفيسور عايض الزهراني — ينبغي أن تأتي المقالة بروح احترام للفكر، وموازنة في الحجة، وعمق في الرؤية، بحيث تكون مقابلة فكرية راقية.»

وهذا ردي على ما ورد في مقاله، بلغة فكرية وأسلوب أدبي يليق بمقام الحوار العلمي والثقافي:

في مقاله الثري، تناول البروفيسور عايض الزهراني الذكاء الاصطناعي بعيون الناقد الحصيف الذي يرى خلف وهج التقنية ظلالًا من الزيف، تنذر بانحسار القيمة الإنسانية وسط طوفان الأتمتة والاختزال الرقمي. وقد أحسن في تشخيص معضلة العصر حين أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي بات يقترب من تخوم الإبداع، بل يوشك أن يتقمصه، في زمنٍ تمازجت فيه الأصالة بالمحاكاة، والعبقرية بالبرمجة.

غير أن السؤال الذي يطلّ من بين سطور مقاله هو:
هل نحن حقًّا أمام زيفٍ يُهدد الإبداع الإنساني، أم أمام مرآةٍ جديدةٍ تُعيدنا لاكتشاف جوهر الإنسان من خلال نقيضه الصناعي؟

لقد أثبت الذكاء الاصطناعي أن الخوارزميات يمكنها أن تكتب وتؤلف وترسم وتترجم، لكنها لا تعي ما تفعل، ولا تدرك الجمال كما يراه القلب والعقل في لحظة إلهامٍ إنساني.
إنه كما قال الفيلسوف هايدغر: «الآلة لا تسكن العالم كما يسكنه الإنسان، بل تُقيم فيه بلا سؤال.»
ومن هنا تكمن الفجوة بين الإبداع الأصيل والذكاء المبرمج؛ فالإبداع ليس نتاج قدرة على الجمع والتحليل، بل قفزة وعيٍ تتجاوز الممكن إلى ما لا يُتوقّع.

ومع ذلك، فإن الخطر الحقيقي ليس في الذكاء الاصطناعي ذاته، بل في الإنسان الذي يتنازل عن وعيه له. حين يتحول الكاتب إلى مقلّدٍ لآلة، والفنان إلى مفسّرٍ لإنتاجها، والباحث إلى ناقلٍ لما تصنعه، نكون فعلاً قد ولجنا ظل الزيف الذي حذّر منه البروفيسور.

لكن إذا ما أعدنا التقنية إلى موضعها الطبيعي — أداةً في يد العقل لا بديلاً عنه — فإنها قد تصبح منارةً تعين على الإبداع، لا تُطفئه.
فالمشكلة — كما قال عالم الرياضيات هارولد إدواردز — ليست في التقنية، بل في الطريقة التي نستخدمها… أو نُستخدم بها.

إن الذكاء الاصطناعي، في جوهره، ليس كائنًا منافسًا للإنسان، بل اختبارٌ لإنسانيته:
هل نسمح له بأن يسلبنا دهشة السؤال؟ أم نجعله معينًا لتوسيع مداركنا؟
فالخطر ليس في أن تُبدع الآلة، بل في أن يتوقف الإنسان عن الإبداع ظنًّا أن التقنية تكفي عنه.

ولذلك، فإن ما طرحه البروفيسور الزهراني في صحيفة مكة الإلكترونية يفتح بابًا مهمًّا للنقاش لا ينبغي أن يُغلق، بل يُستثمر ليُعيدنا إلى أصل المعادلة:

التقنية بلا وعيٍ تُنتج زيفًا،
والتقنية بوعيٍ تُنير طريق الإبداع.

إن الذكاء الاصطناعي لا يهدد الإنسان إلا إذا نسي الإنسان أنه الأذكى بين يدي الله.
فالمسألة ليست «وهجًا» ولا «ظلًا» بقدر ما هي وعيٌ يحسن اختيار موقعه بين النور والظلام.

وختامًا، يتفق البروفيسور عايض الزهراني و”ChatGPT” في كثير من المحاور الجوهرية، أبرزها أن الإنسان يتفرّد بالعقل والقلب، وأن الخطر الحقيقي ليس في أن تُبدع الآلة، بل في أن يتوقف الإنسان عن دوره الإبداعي.
وهو ما ركّز عليه مقال الدكتور عايض حين أكد أن الذكاء الاصطناعي شريكٌ في البحث والتوثيق، لا بديلاً عن الفكر الإنساني.

أحمد سعيد الحُريري

مدير رعاية الموهوبين سابقًا

تعليق واحد

  1. ما قاله الاستاذ احمد كلام جميل لوضوحه ودلالاته نعم وكذا الدكتور عايض فقد اجمل واوضع ماهية الذكاء الاصطناعي اقول: كلا الاخوين اجاد كل منهما في هذا الموضوع فالدكتور قال : أن الخطر الحقيقي ليس في أن تُبدع الآلة، بل في أن يتوقف الإنسان عن دوره الإبداعي. والاستاذ احمد قال : إن ما طرحه البروفيسور الزهراني في صحيفة مكة الإلكترونية يفتح بابًا مهمًّا للنقاش لا ينبغي أن يُغلق، بل يُستثمر ليُعيدنا إلى أصل المعادلة: فلا فض فوكهما ووفقهما لكل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى