ما إن همّ ابني وابنتاي الصغار في صباحهم المدرسي الباكر بالذهاب للمدرسة حتى رأيت ظهورهم الصغيرة تنحني تحت ثِقَل حقائب تكاد تُغطي اجسادهم النحيلة. لحظة واحدة كانت كافية لتوقظ في داخلي عشرات الأسئلة: هل يُعقل أن يبدأ التعليم بوجع؟ وهل نربي جيلاً على حب المدرسة أم على معاناتها وتجرع ألم ثقل تلك الحقائب كل صباح .
إن الحقيبة المدرسية لم تعد مجرد وسيلة لحمل الكتب وألادوات ، بل تحوّلت إلى حِملٍ يومي يُنهك أجساد الأطفال ويُخشى معها على نموهم ، ويزرع فيهم شعورًا مبكرًا بالتعب والإرهاق والكره . ففي الوقت الذي نطلب من أبنائنا أن ينهضوا باكراً نشطين ، وأن يذهبوا للمدرسة بفرحٍ وشغفٍ للتعلّم واكتساب المهارة والإبداع، هو ذات الوقت الذي نضع على أكتافهم عبئًا لا يليق بطفولتهم ولا يساعد على بناء اجسامهم وصحتهم.
وهنا نتسائل هل المسؤولين في التعليم يدركون خطورة هذا الأمر على جيل الصغار ؟ وهل الأحلام التي عشنا على آمال تحقيقها من تخفيف حجم الكتب الدراسية واستبدالها بوسائل تقنية متقدمة تخفف من عبء حمل الكتب ، وتطور من قدراتهم البحثية والمعرفية بوسائل عصرية متطورة تبخرت حتى نفقد الأمل في تنفيذها فنعزي انفسنا وصغارنا ، ام انها لا زالت حبيسة الدراسة والتأمل منذُ سنين طويلة حتى نمني انفسنا بمستقبل ننتظره افضل من واقع مؤلم ..
التعليم رسالة عظيمة، والطفولة أمانة غالية. فلا تجعلوا الطريق إلى العلم مرهقاً بالألم قبل أن يبدأ. خاصة وان الحلول ليست مستحيلة:
• فتخفيف المناهج وتوزيعها بما يناسب المرحلة العمرية حل .
• والاعتماد على الوسائل التقنية لتقليل الحمل الورقي حل.
• وتوفير خزائن مدرسية تحفظ الكتب وتمنح التلميذ خفة الحركة حل.
• وإعادة النظر في الجدول الدراسي بما يتناسب مع قدرات الطفل حل .
إننا لا نطلب ترفًا، بل حقًا لأبنائنا في أن يعيشوا طفولتهم بلا آلام مبكرة. نريد أن نرى البسمة على وجوههم وهم يدخلون فصولهم، لا أن نرى أنين ظهورهم المُثقلة بحمل الكتب الثقيلة على أعتاب العلم.
آلمتني شنط صغاري ، وآمل ألا يطول الألم حتى نرى جيلاً يتعلم بخفةٍ في الروح، لا بثِقَلٍ في الجسد.






