المقالات

فلسفة الدبلوماسية السعودية: الرد ما ترى لا ما تسمع

في ظل غياب الأدوار الجوهرية للسياسة العالمية و المعايير الدولية والاتفاقات الأممية؛ تتمتع الدبلوماسية السعودية بقوى ثابتة تعمل في صمت؛ مستثمرة قوتها و مكانتها العالمية في التعاطي مع القضايا الإقليمية والدولية بحكمة و تروي؛ بعيداً عن الصخب وتعمد الظهور واستعراض القوى؛ حيث تعمل بذكاء وهدوء فتجمع بحكمة كافة خيوط المشهد السياسي و تتحرك في الوقت المناسب لتحقق اهدافها المحلية والدولية السامية والعادلة وفق منهجية واضحة ثابتة؛ لا تتأثر بالتحديات الأنية او المتغيرات الطارئة؛ وهي مهارة عميقة يصعب امتلاكها في ظل التقلبات العالمية المتسارعة و الضبابية الشديدة و غياب الوضوح في معظم الأحيان.
ان ما يميز الدبلوماسية السعودية عنايتها الصادقة بالسلام الحقيقي والدائم لجميع دول العالم دون استثناء، فدورها الجوهري في رفع العقوبات عن الشقيقة سوريا امراً تفردت به الدبلوماسية السعودية؛ وهو ما سينعكس ايجابياً على الشعب والدولة السورية بصفة خاصة؛ ودول العالم العربي والإسلامي بصفة عامة، مروراً بمبادرتها المشتركة مع دولة فرنسا؛ مستثمرة كافة امكاناتها وقدراتها لوقف الحرب على غزة وحل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة، وصولاً الى ما نشهده اليوم من تمثيل دبلوماسي سعودي رفيع المستوى في قمة شرم الشيخ للسلام؛ حيث مثل السعودية صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان أل سعود وزير الخارجية نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ال سعود ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، مؤكدة على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري والشامل في غزة، وحماية المدنيين ورفع الحصار الشامل، مع ضرورة الالتزام بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وان تكون القدس الشرقية عاصمة لها، ورفض التهجير القسري للفلسطينيين بأي شكل من الأشكال، واحترام قرارات الأمم المتحدة، بالإضافة الى مشاركتها البارزة في الاجتماعات الجانبية مع الدولة المضيفة والوفود العربية (مصر، قطر، الأردن) والدولية (الولايات المتحدة، فرنسا، تركيا) والتأكيد على الدور السعودي الإنساني والإغاثي، ودورًها المحوري في ضمان إعادة إعمار غزة.
ان ما تملكه السعودية من القدرة على الوساطة الدبلوماسية بين كافة الجهات المعنية؛ وما تقوم به من مباحثات؛ يُشير إلى أن المملكة لا ترغب في حلول جزئية طارئة فقط، بل تسعى لأن تكون هذه الخطوات بداية للتسوية نهائية ودائمة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال الحرية وحق تقرير المصير.
فما توصلت اليه المملكة العربية السعودية من انجازات بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد الامين الأمير محمد بن سلمان؛ يؤكد عنايتها الفائقة بالشأن العربي والإسلامي والدولي على حدٍ سواء، حيث تعمل الحكومة السعودية من خلال دراية عميقة و عزيمة صادقة ودبلوماسية واضحة خبيرة ورصينة؛ لدعم السلام والرخاء في العالم بأسرة، وما نراه اليوم من حراك عالمي والتوصل إلى اتفاقية وقف الحرب وتبادل الاسرى؛ هو ترجمة واقعية حقيقية وحرفية لفلسفة دبلوماسية المملكة العربية السعودية “الرد ما ترى لا ما تسمع”.

د. وفاء عبدالعزيز محضر

استاذ الإدارة التربوية والتخطيط بجامعة ام القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى