مقال الزميل الإعلامي عبدالله بن أحمد الزهراني، رئيس تحرير صحيفة مكة الإلكترونية الذي حمل عنوان “وتر الرجال.. من صناعة النساء”؛ لم يكن استحضار للكلمة التي تصف مجازاً ما نود إيصاله، في قالبٍ من النثر البلاغي، والطرح الوصفي، والسرد التعبيري؛ كلغة لإيصال بوح المشاعر؛ بل تحليقٌ في الأفق البعيد، الذي شق تاريخ البشرية، حيث زاد المقال شموخة كأطروحة تلهم البشرية بمكانة الأنثى التي هي الأم والأخت والزوجة.
لقد توج هذا البناء المقالي؛ ببيت الشاعر حافظ إبراهيم:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبًا طيب الأعراقِ
والذي كان بمثابة بذرة تنمو من خلالها شجرة أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها؛ لتكون بذلك بداية لإشراقة أسرة، وبداية غزلٍ لنسيج اجتماعي.. ولو لم تكن المرأة مصنع الرجال؛ لما شاءت سنة الله في خلقه؛ أن يوجد لآدم عليه السلام؛ امرأة وهي حواء؛ لتؤنس وحشته؛ حيث نقل الكاتب الزهراني وصف الشاعر حافظ إبراهيم للمرأة؛ للقانون الاجتماعي والإنساني الذي يؤكد أن صناعة الرجال تبدأ من إعداد المرأة.
فعلاً الأنسان؛ منذ اللحظة الأولى لولادته، تتلقفه الأيدي النسائية؛ كطفلٍ وليدٍ؛ بالحب والحنان والرعاية.. أمٌّ تُطعمه، وجدةٌ تُدلّله، وأختٌ تلاعبه، لتهيئه للحياة؛ لتبدأ بعدها رحلة صناعة الرجل في معمل الأنوثة الرحيمة، حيث تُغذّى الرجولة أولًا بالعاطفة قبل التجربة، وبالكلمة قبل الفعل، وبالرحمة قبل القوة.
هنيئاً لقلمك أخي عبدالله.. أن يخرج لنا مثل هذه اللآلئ التي نثرت أمام أعيننا ونحن ننتقل من محطة لأخري في هذا الطرح الغزير بالمعاني التي؛ تجسد المرأة علماً وفكراً وتربية؛ والتي وصفتها بالمعلمة الأولى في البيت، تُغرس القيم والسلوك في الطفل قبل أن يتلقاها في مناهج المدرسة؛ بل وتزرع في داخله معنى الجدّ والاجتهاد؛ ناهيك عن كونها المصدر الأول للمعرفة الممزوجة بالرحمة.
لقد نجحت بالتحدث بلسان المنصف لهذه “القارورة” الحساسة المشاعر والقوية العزيمة؛ بقولك إن وراء كل رجلٍ عظيم امرأة.. تُعيد اتزانه حين ترتجّ الأرض تحت قدمه، مما يدلل أن كل رجلٍ ناجح في موقعه هو امتداد لتربية أنثى عاقلة، وكل مجتمعٍ ناهض هو ثمرة جيلٍ ربّته نساء بوعي لا بضجيج.
وهنا إسمحلي أخي عبدالله.. أن اتغزل بفكرتك وطرحك؛ وأقول بكل تواضع؛ أن فرحة العمر لا تكتمل إلا بإمرة؛ في اكمال مسيرة الحياة؛ أيضاً لا يكرم الرجال إلا امرأة عندما يلحوا ضيوفاً؛ في غرسٍ للقيم وكرم الضيافة.. لله دركم يا صانعات الرجال.. ولقد طفت.. عبدالله.. بفكرنا وادراكنا.. بقولك: أن النساء لا يُربّين أجسادًا فحسب، بل يُهذّبن أرواح الرجال قبل أن يشتدّ عودهم.
ختاماً
أعطوا لمصانع الرجال؛ المكانة التي يستحقونها؛ بيننا.. فهم وصية الرسول ﷺ “استوصوا بالنساء خيراً”
——————
مقال: الرجال.. من صناعة النساء






