
في أمسية اتسع أفقها بامتداد الصحراء، وتماهى فيها التاريخ مع الفن والهوية، احتضن مقهى تشكيل لقاءً ثقافيًا مميزًا بعنوان «فيلق الإبل.. عبور الذاكرة وسرديات الهوية»، بتنظيم من نادي ملتقى المبدعين الثقافي وبالتعاون مع منصة هاوي الثقافية، قدّمه الروائي أحمد السماري وسط حضور نخبة من المثقفين والمهتمين بالسرديات التاريخية.
افتتحت الأمسية الأستاذة مريم آل سميح بتقديم أدبي رصين منح اللقاء إيقاعه وعمقه منذ اللحظات الأولى، قبل أن يستعيد السماري شرارة الفكرة التي انطلقت من مقالة للكاتب محمد الساعد عام 2022 حول مشاركة ثمانية عشر سعوديًا في حرب الوحدة الأمريكية، لتنبثق منها دهشة تاريخية قادته إلى رحلة بحث طويلة بين الوثيقة والمصادر وشهادات العقيلات، وصولًا إلى بناء عالم روائي نابض بالحياة.
وأوضح السماري أن الرواية تمثل انتقال الحدث من سكون الحقيقة إلى حيوية السرد، مؤكدًا مقولته التي لاقت تفاعلًا واسعًا: « لا وجود لتاريخ بلا سرد: السرد هو الأداة التي تمنح الأحداث ترابطًا، وتحولها من وقائع مبعثرة إلى قصة مفهومة.». وتوقف عند شخصية الحاج علي بوصفها محورًا رمزيًا يجسد صوت الهوية العربية في مواجهة الحداثة الغربية، وحولها تشكلت دوائر سردية عبّرت عن صراع وجداني وثقافي وحضاري في آنٍ واحد.
وتحوّلت الأمسية إلى فضاء حواري ثري بمداخلات نوعية من د. ظافرة القحطاني، والأستاذ عوضة الدوسي، والكاتب عبدالله الحسني، والروائي سلطان المنيف، والكاتب علي السرحان، ود. عبدالمحسن الحقيل، إضافة إلى مداخلة هاتفية للكاتب محمد الساعد، أسهمت جميعها في إثراء النقاش وتوسيع أفق القراءة.
وفي ختام اللقاء، كرّم مدير نادي ملتقى المبدعين الثقافي العميد د. عبدالله القحطاني الروائي أحمد السماري بدرع تذكاري تقديرًا لجهده في إحياء فصلٍ منسي من التاريخ وتحويله إلى سرد أدبي حيّ يعيد للذاكرة وهجها وللهوية عمقها.
وغادر الحضور وهم يحملون سؤالًا مفتوحًا على التأمل:
هل كانت رحلة الإبل عبورًا للمحيط… أم عبورًا للوعي نحو ذاكرة أكثر صفاءً؟







