السيدة نظيرة نقولا أو “أبلة نظيرة” كما كانت تُعرف، هي مؤلفة كتاب «أصول الطهي» الذي أصبح—على مدى قرن من الزمان—رمزًا ومرجعًا منزليًا في فن الطبخ في مصر والعالم العربي. وكان هدف الكتاب تعليم النساء ما يُسمّى بالتدبير المنزلي وأصول وفنون الطبخ.
وذكر الكاتب الصحفي والشاعر المصري عمر طاهر في كتابه «صُنّاعية مصر» أن السيدة نظيرة نقولا وُلدت في مصر عام 1902م، وبدأت حياتها المهنية كمدرسة في كلية التدبير المنزلي في القاهرة، التي أصبحت عام 1937م تحت اسم المعهد العالي للتدبير المنزلي للبنات.
كما أشار عمر طاهر في كتابه إلى أن أم الإذاعيين المصريين صفية المهندس كان لها دور كبير في شهرة أبلة نظيرة، حيث طلبت منها تقديم فقرة ثابتة في الإذاعة عن الطهي، مما جعلها معروفة في كل البيوت المصرية.
وفي عام 1926م اختيرت السيدة نظيرة نقولا مع مجموعة من الفتيات المصريات للسفر إلى جامعة غلوسترشير البريطانية بمدينة لندن، لدراسة التدبير المنزلي وفنون الطهي. وبعد ثلاث سنوات من التدريب المكثف، عادت إلى مصر محمّلة بالمعارف والخبرات في هذا المجال.
عملت بعد عودتها كمدرسة لمادة التدبير المنزلي في المدرسة السنية للبنات بحي السيدة زينب في القاهرة، وقدّمت منهجًا مبتكرًا يركز على البساطة والجمال في فنون الطبخ، وشجّعت طالباتها على الإبداع والابتكار. وبهذا تحولت من مجرد معلمة إلى رائدة في مجال التدبير المنزلي، ثم أصبحت مفتشة عامة لمادة التدبير المنزلي بوزارة المعارف المصرية.
وفي الأربعينيات، أطلقت وزارة المعارف المصرية مسابقة لتأليف كتاب للطهي ليكون مرجعًا لطلاب وطالبات المدارس. تقدّمت نظيرة نقولا للمشاركة مع زميلتها بهية عثمان، خريجة كلية بريدج هاوس بلندن، والتي كانت تُعدّ واحدة من رائدات التدبير المنزلي وفنون الطبخ في مصر، وكانت تكتب مقالات ثابتة في مجلة حواء. وقد ساهم ذلك في زيادة تأثيرها على سيدات مصر في تلك الفترة.
نجحت السيدتان نظيرة وبهية في تأليف كتاب «أصول الطهي» الذي تناول جوانب متعددة تتعلق بإدارة المطبخ وتنظيمه وتخزين الطعام، إضافة إلى نصائح عن تقديم الطعام في المناسبات بشكل جميل وصحي.
طُبع الكتاب عدة مرات وأصبح من أكثر الكتب مبيعًا في التاريخ المصري والعربي، حيث بيعت منه نحو 12 مليون نسخة، وظلّ مرجعًا ومدرسة حقيقية لكل من يهتم بتعلم فنون الطهي.
وقامت السيدة نظيرة بتحديثه أكثر من مرة ليواكب التطورات في المقاييس والموازين المستخدمة في الطبخ؛ فتحوّل من استخدام الرطل كوحدة قياس إلى الغرامات، كما أضافت وصفات جديدة ظهرت مع مرور الزمن.
وبالإضافة إلى كونه منهجًا يُدرّس في مدارس التدبير المنزلي وفنون الطهي، أصبح كتاب «أصول الطهي» جزءًا من الثقافة والتقاليد المصرية والعربية في فنون الطبخ، وإرثًا سيظل يؤخذ منه لأجيال قادمة.



