يصف كل من عرف الملاكم الأمريكي العالمي المسلم كاسيوس كلاي — الذي غيّر اسمه إلى محمد علي كلاي — بأنه الرجل الأسطورة في كل شيء. اختار لنفسه اسم “محمد علي كلاي”، وكان يميل إلى التصوف الصحيح، وفقًا لما أعلنه هو في عام 2005م. وقد بدأت قصة “كلاي” مع الإسلام عام 1960م، حينما ذهب مع صديق له مسلم إلى المسجد ليستمع إلى شرح عن الإسلام.
ولطالما عبّر الملاكم الراحل في أكثر من مناسبة عن أن أسعد لحظات حياته كانت عندما هداه الله إلى الإسلام، وعندها ذاق حلاوة الإيمان. فكيف كانت رحلته لبلوغ تلك اللذة؟
يقول عن إسلامه كما جاء في كتاب “عظماء ومفكرون يعتنقون الإسلام” لمؤلفه الشيخ محمد بن عبدالعزيز طماشي — الذي قابله وتحدث معه —:
“إن ذلك كان عام 1964م، في ولاية فلوريدا، وكانت المرة الأولى التي أسمع فيها أن الله واحد فهزّني ذلك، وأن النبي محمد ﷺ هو آخر الأنبياء، وأن عيسى عليه السلام نبي، والقرآن الوحي الكامل؛ أحسست وأنا أنصت للشيخ بنداء الحقيقة ينبعث من داخلي، وصاح في أعماقي صائح يدعوني لتلمّس الحقيقة، حقيقة الله والدين والخلق.
لقد استغرقت رحلتي الإيمانية سنوات من المقارنة بين الإسلام والمسيحية، وكانت رحلة شاقة؛ فالكل حولي ما بين مُثبِّط ومُضلِّل، والمجتمع نفسه مجتمع يشيع فيه الفساد، يختلط فيه الباطل بالحق”.
وعن الدعاية الكنسية ضد الإسلام يقول كلاي:
“إنها تُصوّر المسلمين في صورة همج، وترجع أسباب تخلفهم إلى الإسلام. إلا أنني عمدت إلى التمييز بين واقع المسلمين اليوم وحقيقة الإسلام الخالدة، فوجدت في الإسلام دينًا يحقق السعادة للبشر جميعًا، ولا يميز بين لون وجنس وعرق. فأدركت أنني أمام حقيقة ربانية لا يمكن أن تصدر عن بشر”.
وأضاف:
“قرأت معنى القرآن الكريم مترجمًا، فازددت اقتناعًا بأن هذا الدين حقيقة ربانية محال أن يخترعها بشر. وعمدت إلى الاختلاط أكثر بجماعات المسلمين، فلم أجد منهم سوى طيب المعشر، والتسامح، والمحبة التي افتقدتها في تعاملي مع غير المسلمين، الذين نظروا إلى لوني ولم ينظروا إلى جوهري”.
أما عن إعلان إسلامه فيقول:
“تمكنتُ من انتزاع بطولة العالم للمحترفين من شرير الحلبة سوني ليستون في واحدة من أقصر مباريات الملاكمة، إذ لم تستغرق سوى ثوانٍ معدودة تُوّجت بعدها بطلًا للعالم. وقتها وقفتُ لأعلن أمام الملايين إسلامي، وغيرت اسمي إلى محمد علي كلاي”.
وقد حرص كلاي على تربية ابنه محمد وبناته: مريم، ورشيدة، وخليلة، وجميلة، وهناء، وليلى، تربية إسلامية. وكان كثير التردد على مكة المكرمة والمدينة المنورة، فقد زار المملكة لأول مرة عام 1972م، وخرج حينها الآلاف إلى المطار لاستقباله، كما التقى خلال تلك الزيارة بالأمير الراحل فيصل بن فهد، الرئيس العام لرعاية الشباب آنذاك.
توفي “كلاي” في الثالث من يوليو عام 2016م، عن عمر يناهز 74 عامًا، ودُفن في مقبرة كيف هل لويفيل بولاية كنتاكي الأمريكية



