تُعد المملكة من البلدان التي تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي على مفترق طرق الحضارات والثقافات، مما جعلها عبر التاريخ نقطة التقاء بين الشرق والغرب، وبين مختلف الشعوب والثقافات. ومع التحولات العالمية المتسارعة في مجالات الاقتصاد والسياسة، برزت المملكة كفاعل رئيسي يسعى إلى تعزيز التفاهم والتقارب بين الحضارات المختلفة، من خلال رؤية وطنية طموحة تحمل في طياتها أهدافًا واضحة لتعزيز الانفتاح والتعايش الثقافي.
جاءت رؤية المملكة 2030 كخارطة طريق شاملة تهدف إلى بناء مجتمع مزدهر واقتصاد متنوع، وفي الوقت ذاته تعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية كجسر بين الحضارات، مما يعكس التزامها العميق بقيم التسامح والتعايش السلمي. تقوم رؤية المملكة 2030 على مجموعة من الركائز الأساسية التي تدعم بناء مجتمع متماسك ومتفتح، من خلال تعزيز الهوية الوطنية مع الانفتاح على الثقافات الأخرى.
فقد أولت حكومتنا الرشيدة – حفظها الله – من خلال الرؤية الوطنية اهتمامًا كبيرًا لتعزيز الحوار الحضاري والثقافي، من خلال دعم الفعاليات الثقافية المتنوعة، وتشجيع التبادل الثقافي والفني مع مختلف دول العالم. كما تعمل المملكة على تطوير البنية التحتية الثقافية والسياحية، مما يسهم في جذب الزوار من مختلف الحضارات، ويعزز من فرص التفاهم والتقارب بين الشعوب.
تلعب المؤسسات التعليمية دورًا محوريًا ضمن رؤية 2030 في نشر قيم التسامح والاحترام المتبادل، من خلال تحديث المناهج التعليمية وإدخال برامج تعزز الفهم الثقافي والتاريخي المتبادل. كما أن تكامل ودعم المملكة للمنظمات الدولية والمحافل الثقافية يعكس التزامها بدور فاعل في تعزيز السلام والتعايش على مستوى عالمي.
تسعى المملكة إلى تعزيز دور المرأة والشباب في بناء مجتمع متنوع الثقافات وقادر على الحوار البنّاء، مما يعزز من فرص التفاهم الحضاري ويخلق بيئة حيوية للتبادل الثقافي والإبداعي. ويُعد مشروع “نيوم” ومبادرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومبادرة “أنسجام عالمي” من أبرز الأمثلة على كيفية دمج التنمية الاقتصادية مع القيم الثقافية والإنسانية، مما يسهم في بناء مجتمع عالمي متسامح ومتفاهم.
وفي إطار دعم جهود تعزيز التفاهم بين الحضارات، ألقى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، كلمة المملكة في المنتدى العالمي الـ11 لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، الذي انعقد في العاصمة الرياض. وشدد سموه على أهمية الحوار والتفاهم بين الشعوب والثقافات، ودعم جهود الأمم المتحدة في حل النزاعات سلمياً، وهذا يعزز دور المملكة في جانب التفاهم والتقارب بين الحضارات المختلفة، وجميع الحضارات مكملة لبعضها البعض.
إن رؤية المملكة 2030 هي رؤية شاملة تعكس التزام المملكة العميق بدور فعّال في تعزيز التفاهم والتقارب بين الحضارات والثقافات المتعددة. من خلال هذه الرؤية الطموحة، تسعى المملكة إلى أن تكون نموذجًا عالميًا في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي. إن الاستثمار في الثقافة والتعليم والحوار الحضاري يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق هذا الهدف، مما يجعل المملكة في طليعة الدول المتقدمة التي تساهم مساهمة كبيرة في بناء عالم أكثر تلاحمًا وتفاهمًا. بهذا، تؤكد المملكة على مكانتها كقوة ناعمة تسهم في نشر السلام والازدهار على المستويين الإقليمي والدولي.



