الحرمين الشريفين

ال الشيخ يفتتح ورشة العمل الثانية لمديري فرع الوزارة‎

صحيفة مكة الإلكترونية / جمعان الكناني

أفتتح معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على برنامج ندوات الأمن الفكري وتعزيز الوسطية الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ورشة العمل الثانية لمديري فروع الوزارة ، ورؤساء لجان ندوات الأمن الفكري وتعزيز الوسطية في المناطق التي نظمتها وكالة الوزارة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد التي عقدت اليوم الثلاثـاء الثاني والعشرين من شهر محرم الجاري 1432هـ ، الموافق للثامن والعشرين من شهر ديسمبر الجاري 2010م في فندق قصر الرياض بالرياض .

وقد ألقى معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ كلمة بهذه المناسبة استهلها بالتأكيد على أن واجب وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المحافظة على عقيدة الإسلام العامة في نفوس الناس ، وقال : ومن واجبنا تعزيز العقيدة التفصيلية أيضاً في نفوس الناس وتقريرها وتأصيليها وتكرارها حتى تُعلم للخاصة والعامة، ثم ذكر تفاصيل ما يتعلق بعقيدة أهل السنة والجماعة والمنهج السلفي الواضح الذي كان عليه الخلفاء الراشدون والتابعون ، والتابعون لهم بإحسان من القرون الثلاثة المفضلة ، ثم أئمة الإسلام من أئمة الفقه وأئمة الحديث وأئمة السنة إلى عصورنا المتأخرة التي قامت فيها الدعوة الإصلاحية للإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب وما سانده فيها بقوة وحزم الإمام محمد بن سعود ومن تبعه واعتلاه من أئمة هذه البلاد من أئمة الحكم ، ومن أئمة العلم .

واسترسل معاليه قائلاً :إن هذا الأصل الأصيل كان سمة الوسطية ،بعيدة عن الغلو وبعيدة عن التساهل لأن أحكام الشريعة الإسلامية ليست وفق أهواء الناس ، لا في مجال الاعتقاد ولا في مجال الأحكام التفصيلية وإنما نحن متبعون ، والنبي  أنزل الله عليه الآيات في ذكر خبر من قبلنا ونهيه ـ جل وعلا ـ لهم عن الغلو ، ثم نهى النبي  عن الغلو حتى في أحكام من الشريعة تفصيلية ، قال الله جل وعلا : { يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق } ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( [COLOR=blue]بمثل هذه فارموا وإياكم والغلو[/COLOR] ) ونهى الثلاثة عن الغلو في الدين من قال أصوم ولا أفطر ، ومن قال أقوم الليل ولا أنام ، ومن قال لا أتزوج النساء .

وأشار معالي الوزير آل الشيخ إلى أنه ظهرت بعد ذلك تيارات في الإسلام تريد الزيادة في الجهاد ، تريد الزيادة في التعبد ، تريد الزيادة في التقرب إلى الله تعالى لكنهم كانوا على غير الهدى والصواب لذلك قال الله ـ جل وعلا ـ في شأن أمثالهم : { [COLOR=green]عاملة ناصبة تصلى نار حامية[/COLOR] } فليس الشأن في كثرة العمل ، أو بروز العمل وليس الشأن في قوة الغيرة ، وليس الشأن في قوة المنافحة عن أحكام في الدين أو بعض أموره التفصيلية ، إنما الشأن كل الشأن في الذي تميزت به الأمة ، وتميز به أهل السنة والجماعة وذكروه في عقائدهم الحرص على الصواب ، الصواب لا يعني الكثرة بالضرورة بل قد يعني أحياناً عدم ذلك ولهذا جاءت كلمات الأئمة في أن العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً صواب ، خالص أي ما يراد به وجه الله تعالى ، وأن يكون صواباً على وفق السنة ،و على عقيدة أهل السنة والجماعة بعيدة عن عقائد الخوارج ، والمعتزلة ومن شابههم في من يرون الخروج أو يرون انتقاص الصحابة أو انتقاص أهل العلم ـ رضي الله عن الصحابة أجمعين ورحم الله أئمة الإسلام .
وشدد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ على أن الوزارة معنية بمواجهة الأفكار الضالة وهو واجبها ، والمحافظة على الأمن هذا واجب كل مسلم والأمن في القرآن أعم من كونه الأمن على النفس والعرض والمال الذي تتولاه الجهات الأمنية ، واجبها أن تتولى الأمن على الأنفس والأمن على الأموال والأمن على الأعراض والأمن على العقول ، أما الأمن على الدين وهو الأمن الديني فهو مشترك منوط بكل الجهات الأمنية ، والجهات الشرعية لأنه واجب إسلامي وواجب عقدي وهو منوط بالجهات المختصة من أهل العلم بالجهات الدينية والجهات الشرعية منوط بها المحافظة على الأمن الديني أكثر وهذه الكلمات الثلاث دائماً تتداول الأمن الديني الأمن العقدي الأمن الفكري.

وقال معاليه :إن الأمن الفكري معناه الأمن الديني أو الأمن العقدي ، لافتاً إلى أن الأمن الفكري يخص التفكير أكثر مما يخص التعبد ، والسلوك ، والفكر ينتج سلوكاً بالتبع فهو لهو خصوصية في إصلاح الفكر إذا اختل ، وله خصوصية في المحافظة على الفكر بالأمن فيه ، مبيناً معاليه أن الوزارة هي المنوطة في إصلاح المواجهة العقدية ،أورفع مستوى المواجهة العقدية عند أهل العلم ، وعند العامة تجاه أي منكر عقدي ، وقال : لقد جاءت الفئات الضالة وحدث منها ما حدث وكتبوا ما كتبوا في الانترنت ، وأشاعوا الشبه فكان من اللوازم علينا المواجهة ، حيث اتبعت الوزارة في ذلك محاور متعددة سارت عليها من عدة سنوات وخطت فيها عدة خطوات نجحت في مجملها .

وزاد معاليه يقول : من الأمور المنوطة بنا في الأمن الفكري أو الأمن العقدي أو الأمن الديني بعامة هي تحصين الناس والتحصين الذي نتج منه هذه ، فكرة التحصين أو برنامج التحصين العام الأول والثاني نتج منه برامج كثيرة للوزارة ، مشيراً إلى أن مفهوم التحصين أن يكون هناك خطاب لعدد من الناس ، أولاً خطاب لطلبة العلم في أن يرفعوا مستوى المواجهة لهذه الأفكار الضالة والالتزام بطريقة أهل السنة والجماعة في المواجهة وعدم التبرير لهؤلاء في أي عمل من أعمالهم وهذا كان هدفاً وصلنا إليه في درجة من الدرجات ، لا يجوز أن يكون هناك تساهل أمام العامة في أي نوع من أنواع التبرير للغلط العقدي وهناك فرق بين تفسير الأشياء وبين تبريرها ، فيه أشياء كثيرة يستعملها الناس تفسر الأحداث تفسر الانحراف لكن لا تبرر له .

واستعرض معاليه في هذا السياق تاريخ الخوارج ، وأسباب ظهورهم ، مشيراً إلى أنه لا يمكن لمؤمن أن يبرر ظلاله فضلاً عن أن يكون طالب علم ، أو يكون صاحب عقيدة ، وقال معاليه : لقد كان من هدف الأعمال التي تقوم بها الوزارة في بعض برامجها أن يرفع مستوى الإدراك لدى أهل العلم ، وطلبة العلم ، ولدى الدعاة ، وأن يرتفع مستوى الإدراك في المواجهة ، والمحافظة على الأمن الفكري والعقدي والديني عند ذوي التوجيه للناس ، الخطباء ، والأئمة والوعاظ ، والمرشدين ممن ينتسبون لهذه الوزارة ،أو ممن ينتسبون لغيرها ممن نشترك معهم في برامج أو دورات أو مناسبات .

وأبان معاليه أن هذا البرنامج الندوات الشهرية لتعزيز التحصين ورفع مستوى الإدراك لدى الموجهين من طلبة العلم ومن خطباء الجوامع وأئمة المساجد ، وهذا هدف استراتيجي في أن يرتفع مستوى الفهم والإدراك ، لافتاً إلى أن موضوع الأمن العقدي أو الأمن الديني أو الأمن الفكري بخصوصه وتعزيز الوسطية له جوانب متعددة ، وله موضوعات كليه ،وأمور تفصيليه ، فارتفاع مستوى الإدراك لدى المؤثرين من طلبة العلم والعلماء والدعاة والخطباء والأئمة ، ومن يتصلون بسبب مع وزارة الشؤون الإسلامية لابد من رفع هذا المستوى لذلك جاءت تفصيلات الندوات الشهرية والتي لا نكتفي فيها بثمانين ندوة أو تسعين ندوة أو مئة .

وواصل معاليه القول : فلابد أن نستمر على الأقل ثلاث سنوات لأن الهدف لابد نرى أنه تحقق وهو ارتفاع مستوى الإدراك للمواجهة ، مشيراً إلى أنه صدرت الكثير من الفتاوى لهيئة كبار العلماء حول الإرهاب ،وحول أعمال الفئة الضالة وحول حرمة المسلم ، وحرمة المستأمن ،وبعض العلاقات المحلية والعلاقات الدولية وما أشبه ذلك ، وكان المفترض أن الناس يستوعبون مثل هذا وينسجون منه ويفرعون عليه لأنهم طلبة علم ويعلمون الأحكام لكن الذي حصل أن كان فيه هناك ضعف في فهم تفاصيل موضوعات الأمن الفكري في الخاصة ، فكان من الضرورة أن لا نكتفي بالنشاط العام لدى الوزارة وتعميماتها لفتاوى هيئة كبار العلماء والقرارات وكثرة الإبلاغ للخطباء للتعرض لموضوعات كان لابد من رفع مستوى الفهم والإدراك حتى يمكن أن يشاركوا في هذه المواجهة .

وشدد معاليه على أن الوسطية والأمن الفكري مترابطة لأن الأمن العقدي مبني على عقيدة أهل السنة والجماعة ولا يكون إلا بالوسطية والوسطية ليست هي وسطية الأهواء هي وسطية الإسلام والسنة وسطية العقيدة عقيدة أهل السنة والجماعة ، مشيراً إلى أن الوسطية تشمل الوسطية في التعامل ، الوسطية في السلوك ، الوسطية في الحكم على الآخرين ، وهناك خلل كبير في الوسطية في الأحكام ، الأحكام على الأشياء ، الحكم على الدول ، الحكم على العلماء ، الحكم على الدعاة ، الحكم على الفئات ، الحكم على المجتمعات ، الحكم على الموافق ، الحكم على المخالف .

وفي هذا الصدد شدد معاليه على أن العدل هو المطلوب من الخاصة فضلاً عن العامة ، والعدل يجنبنا أن نقول مالا وجه له شرعي أو أن نقول ما لا حجة له شرعية ، فيأتي أناس يبالغون في الذم حتى يسقطوا فضائل الأشياء ، أو يبالغون في المدح حتى يوهموا الناس أن سلوك الممدوح أنه صواب في كل شيء ، والشريعة جاءت بتعزيز الخير وتقليل الشر ، والخير كي ينتشر لا بالمدح ، ينتشر بالشكر والثناء على من قام بالخير ويثنى عليه ويشجع عليه ، لكن المديح أو الذم ليس من سمة المنهج الوسطي لا المبالغة في المدح ولا المبالغة في الذم ، وحتى أصل المدح وأصل الذم فيه ما فيه ، وإنما يثنى على المرء بما عمله من خير وينصح فيما كان على غير ذلك ، وهذا المنهج هو منهج الوسطية في التعامل مع الناس.
كما رأى معاليه أن هناك خلل في التفكير ، وهو جزء مما ينبغي أن يعالج في ندوات الأمن الفكري في التفكير في الحكم على الأشياء ما بين مبالغة في أنه لا يهتم بأي خلل وما بين مبالغة في أنه يجعل من كل خلل موبقة ، أو مكفر ، أو ضرر عام على الإسلام ، وهنا يأتي دور المنهج المعتدل في تربية الناس عليه ، فالمنهج المتوسط المعتدل الذي وصف الله به هذه الأمة بقوله : { [COLOR=green]وكذلك جعلناكم أمة وسطا [/COLOR]} فسرها السلف وسطاً قالوا عدلاً خياراً لأنهم سلكوا هذا السبيل فهم خيار لأنهم ابتعدوا عن الطرفين ، طرف الغلو وطرف التساهل ، أو طرف الجفاء ، لهذا جاء عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : (عليكم [COLOR=crimson]بالنمط الوسط الذي يرجع إليه الجاهل ويقتدي به العالم[/COLOR] ) .

وأكد معالي الوزير آل الشيخ مجدداً أن منهاج الوزارة في هذه الندوات بخاصة وما يتبعها من الأعمال هو أن نعي أن مسؤولية الأمن الديني الأمن العقدي بعامة مسؤولية مشتركة على كل أهل العلم ولكن علينا بالخصوص لأننا مؤتمنون على الدعوة ، وعلى المساجد ، والمساجد فيها الأئمة والخطباء، الناس حضورهم للمساجد والمحاضرات والصلاة كبير جداً ، فمخاطبة هؤلاء وتحصينهم ورفع مستواهم والمحافظة عليهم هذا هدف عظيم ، وخطاب الذين يأتون إلى المساجد يحتاج إلى جهد كبير ووعي لابد أن تتكاتف الجهود على الإيضاح .

وأفاد معاليه أنه لا يمكن أن نقوم بهذا العمل من موقع وظيفي لأن الوظيفة تجعل هناك إطار على صاحبها يتحرك بموجبها من جهة الساعات والدوام إلى آخره ، وهنا نعبر إطار الوظيفة لأنه واجب ديني ، لابد أنه يكون هناك فيه عبور نفسي للإطار الوظيفي إلى الواجب الشرعي الكفائي ، وهو منوط بنا بحكم المسؤولية قبل أي أحد ، منوها بالتفاعل الذي صاحب هذه الندوات وقال : إنه كان ممتاز وأدى فيه الجميع جهد كبير ، ويجب أن يكون هناك إعادة للتقييم بصفة مستمرة لإنطلاقة نوعية أكثر في ذلك .

وأعاد معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ التأكيد على دور الإعلام ، في إيصال الرسالة إلى من لم يحضر هذه الندوات سواء كان عبر القنوات أو عبر الانترنت أو عبر الإعلام المقروء ، لذلك لابد أن يكون هناك توسيع للنشر الإعلامي لنشاطات وبرامج الندوات ، فلابد أن ينقل المحتوى إلى أكبر عدد من الناس من خلال التواصل الإعلامي وتكثيف التغطية الإعلامية لهذه البرامج .

وخلص معاليه إلى القول : إن الوزارة لا يمكن أن تعمل في مثل هذا الأمر بنفسها ولا بمنسوبيها إنما هي قائدة لهذه البرامج في تنظيمها ، لذلك لابد أن يُشرك كل فعاليات المجتمع العلمية في هذا العمل أي لا يقتصر على طلبة العلم والدعاة المعروفين فيجب الحرص على توسيع العلاقة بكل ذوي التفاعل هذا هدف أولاً لرفع مستوى الندوات ثم ثانياً لرفع مستوى الفائدة عند المستمعين ، ثم ثالثاً رفع مستوى الإدراك عند الجميع .

وختم معاليه كلمته بشكر الله ـ عزوجل ـ والثناء عليه سبحانه بما حقق من الخير ، ورافعاً – في الوقت ذاته – شكره لولاة الأمر وفقهم الله ، وقال : جعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى ، وعلى جهدهم ودعمهم أعمال هذه الوزارة ، وأعمال تحقيق برامجها خاصة البرامج الدعوية ، وبرامج تعزيز الوسطية والتحصين .

وقد عقدت الورشة برئاسة وكيل الوزارة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري ، وبحضور كل من وكيل الوزارة المساعد لشؤون المساجد ، ووكيل الوزارة المساعد لشؤون الدعوة ، ومديري فروع الوزارة في مختلف مناطق المملكة ، إضافة إلى رؤساء لجان الندوات الشهرية للأمن الفكري ، وبمشاركة الإدارة العامة للتوعية العلمية والفكرية بالوزارة ، والإدارة العامة للدعوة في الداخل ، ومعهد الأئمة والخطباء وحملة السكينة .

وتكونت الورشة من جلستين تم خلالها مناقشة ثلاثة محاور الأول :تقويم أداء الندوات الشهرية الموجهة لخطباء المساجد والدعاة خلال النصف الثاني من السنة الهجرية المنتهية ، والثاني : دراسة العقبات والعوائق التي تواجه عمل الندوات الشهرية والثالث : سبل تطوير عمل الندوات العقبات والعوائق التي تواجه عمل الندوات في المرحلة القادمة .
الجدير بالذكر أن البرنامج يستهدف خطباء الجوامع ، وأئمة المساجد والدعاة في كل منطقة من مناطق المملكة ، حيث يتم تنفيذه على شكل ندوات شهرية بواقع (12) ندوة سنوياً في كل منطقة ، وفي كل محافظة كبيرة في موضوعات الأمن الفكري، ومعالجة الغلو.

وكان صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية قد دشن في منتصف العام الماضي 1431هـ ، برنامج الندوات الشهرية الخاصة بالأمن الفكري وتعزيز الوسطية دشنه بحضور معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ووكلاء الوزارة ومدراء فروعها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى