
صالح باهبري – مكة المكرمة – صحيفة مكة الإلكترونية
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامه خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه مطالباً فضيلة بالجليس الصالح والتقي الذي يقود جليسه إلى الخير ويعينه عليه ويزين له الطاعة وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام انه عندما تحدق الأخطار وتعظم الخطوب وتطل الفتن برؤوسها ينظر أولي الألباب إلى الشباب فيرون أن عليهم المسارعة إلى كل سبيل يبلغون به ما يريدونه من الحفاظ عليهم بما يحفظ العوزة ويرد الغائلة وبدفع الصولة ويدرأ العدوان مشيراً فضيلة ان الحفاظ على شباب الأمة أعظم الآثار في صيانة كيانها و إعلاء صروح نهضتها لتأخذ مكانها اللائق بها بين الأمم و لتكون كما أراد الله خير أمة أخرجت للناس .
وقال فضيلته إنما يكون ذلك بكمال العناية بهم وجمال الرعاية لهم لأنها من أقوى البواعث على امتلاك القلوب و الأخذ بمجامع النفوس .
و أضاف انه كما تكون هذه العناية غرساً لتصحيح العقيدة وحراسة لشرائع الدين في العلم والعمل وبذراً لمحاسن الأخلاق و تعويداً على صالح العادات والنفره من المعايب وكل ما يعتذر منه وتكون أيضا بحسن تعهدهم في باب المصاحبة والمجالسة والمعاشرة لأنها من أعظم الأسباب فيما يكون من تقدم أو تأخر أو نجاح أو إخفاق .
وبيّن الشيخ الخياط أن للصاحب أو للجليس أثره العميق في نفس صاحبة وجليسة فإن من الحكمة البالغة الاحتياط في أمره و التريّث في وصل حبل ودّه حتى تبلى أخباره ويتبيّن معدنه ويوثق بدينة و خلقة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليلة فلينظر أحدكم من يخالل ) .
وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام بأن الطبع يسبق التطبع وسرعان ما يمضي المرء في الطريق الذي يأثرة و يختاره جليسة .
موضحاً فضيلته بأنه إن كان الجليس ممن يسد الخلّة ويغفر الزلّة ويقيل العثرة ويستر العورة ويقود جليسة إلى الخير ويراقبه فيه ويعينه عليه ويزيّن له الطاعة ويقبّح له المعصية ويحول بينه وبينها لتذكيره بما تعود عليه من ذل وخزي و عقاب في الدنيا والآخرة فذلك هو الجليس الصالح الذي يعد به أما إن كان الجليس ممن يزين القبيح ويحسن الأقوال والأفعال والعقائد الفاسدة والمِحن الضالة ويحث على الانطواء تحت لوائها والتردّي في وحدتها فذلك هو جليس السوء الذي يشقى به جليسة لأنه كان وبالاً عليه إذ أطاعة و اسلم إليه القيادة فانتهى به إلى البوار و عذاب النار فقرع بذلك الندم حين لا ينفع ندم و هذا كما قال ابن القيّم رحمه الله : هذا شأن كل المشتركين في غرض يتوادون ماداموا متساعدين على حصوله فإذا أنقطع ذلك الغرض أعقب ندامة وحزن وألم و انقلبت تلك المودّة إلى بغض و كراهية .
وأكد فضيلته إلى أنه كل مساعدين على باطل متوادين عليه لابد أن تنقلب مودتهما إلى بغضاً و عداوة وطالب إمام و خطيب المسجد الحرام أن تكون المصاحبة للتقيّ المؤمن .
مشيراً بذلك أنها يجب أن تكون خالصة لوجه الله نقيّة من الأغراض بعيدة عن الأهواء وأن تنشأ في رحاب الإيمان محكومة بسلطان العقيدة ونظام الشريعة بما فيها من أوامر و نواهي يستوحيها المؤمن في كل اتجاه قلبه وحركاته وسكناته وجوارحه .
وهنا يرتقي بحبه إلى الخير و الصلاح فوق منزلته في الدار الآخرة فيلتحق بمن أحب وإن لم يعمل مثله .






