المحلية

إمام المسجد النبوي يستعرض الأسباب الجالبة لـ”محبة الله”

(مكة) – متابعة

تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي عن محبة الله؛ موصياً المسلمين بتقوى الله عز وجل.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: “محبة الله من لوازم الإيمان، ولا يتم التوحيد حتى تكتمل محبة العبد لربه، والمحبة لا تُحَد بحد أوضح منها، ولا توصف بوصف أظهر من المحبة، وليس هناك شيء يحب لذاته من كل وجه إلا الله وحده، الذي لا تصلح الألوهية والعبودية والذل والخضوع والمحبة التامة إلا له سبحانه”.

وأضاف: “محبة الرب سبحانه شأنها غير الشأن؛ فإنه لا شيء أحب إلى القلوب من خالقها وفاطرها؛ فهو وليها ومعبودها، وليها وربها ومدبرها ورازقها ومميتها؛ فمحبته نعيم النفوس وحياة الأرواح وسرور النفس وقوت القلوب ونور العقول؛ فليس عند القلوب السليمة أجمل ولا أطيب من محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه”.

وأردف: “مقدار ما يستكثر المرء من حب الله بمقدار ما يشعر بلذة الإيمان وحلاوته، ومن غمر قلبه بحب الله أغناه ذلك عن محبة غيره وخشيته والتوكل عليه؛ فلا يغني القلب ولا يسد خلته إلا محبته سبحانه، وإذا فقد القلب محبة الله كان ألمه أعظم من العين إذا فقدت نورها، والأذن إذا فقدت سمعها، واللسان إذا فقد نطقه”.

وتابع: “حقيقة المحبة أن تهب حبك مَن أحببته؛ حتى لا يبقى لك منه شيء، وتسبق محبة الله جميع المحاب وتغلبها، وتكون سائر محابّ العبد تبعاً لهذه المحبة التي بها سعادة العبد وفلاحه”.

وأشار إلى أن المحبين يتفاوتون في قدر المحبة؛ لأن الله عز وجل وصف المؤمنين بشدة الحب له فقال تعالى: {والذين آمنوا أشد حباً لله}، وهذا دليل على تفاوتهم في المحبة”.

ولفت إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن محبة الله تُخرج من القلب كل ما يكرهه الله، وتنبعث الجوارح بمحبة الله إلى الطاعات، وتغدو النفس مطمئنة؛ مستدلاً بالحديث القدسي: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)”.

وقال: “المحب يجد من لذة المحبة ما يُنسيه المصائب، ولا يجد من مسها ما يجد في غيرها، ومحبة الله من أقوى الأسباب في الصبر على مخالفته ومعاصيه، وكلما قوي سلطان المحبة في القلب كان اقتضاؤه للطاعة وترك المخالفة؛ وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة وسلطانها”.

وأضاف “الثبيتي”: “محبة الرسول صلى الله عليه وسلم من لازم محبة الله؛ فمن أحب الله وأطاعة أحب رسوله صلى الله عليه وسلم، ومِن علامة محبة الله محبة أهل طاعته وموالاة أوليائه، وكل ما قويت محبة العبد لله في قلبه قويت هذه الأعمال”.

وعدّد الأسباب الجالبة لمحبة الله عز وجل؛ ومنها معرفة نِعَم الله على عباده التي لا تُعَد ولا تحصى: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}؛ مشيراً إلى أن أعظم الأسباب الجالبة لمحبة الله معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله.

وأردف: “مَن عرف الله أحبه، ومن أحب الله أطاعه، ومن أطاع الله أكرمه، ومن أكرمه الله أسكنه في جواره، ومن أسكنه الله في جواره فطوبى له وهنيئاً له، وهي من أعظم أسباب التفكر في ملكوت الله وكثرة ذكر الله تعالى؛ فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره {ألَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى