نبيه العطرجي

التَعْلِيمْ مِنْ خَلفْ القُضْبَانْ

 

العِلم نُور الحيَاة … بِه تُبني الأمَم مَجد حضَاراتها ، حَث الإسْلام
عَلى طَلبة مُنذ بزُوغ نُورة الذِي أضَاء الكَون بمبعَث المصْطفى عَلية الصَلاة والسَلام ، وكُل مِنا أتَى لهَذه الحيَاة طِفل رضِيع لَا يَعرف مِن أمُور الحيَاة شَيء {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وزَودنا الخَالق تَبارك وتعَالى بوسَائل التَعلم وجعلهَا تَنمو مَع الإنسَان رويدَاً روَيدا ، وربطهَا بالعَقل الذِي كَرم بِه الإنْسان عَن غَيرة مِن  المخلوقَات {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} وأوّل آيَة نَزلت مِن الذِكر الحَكيم حَث فِيها المولى رسُوله الكريمْ بطَلب
العِلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
والعِلم يَسبق العَمل ، فَلا عَمل بلَا علمْ {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ
لَك بِهِ عِلْمٌ …} ولفَضل العِلم أستَشهد الموْلى بالعلمَاء فِي
وحدَانيته {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وأمرنا بالإستزَاده مِنه {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} فَالمنهَج الربَاني يَدعو إلَى تَعلم سَائر
العُلوم حسَب دَرجات فضَائلها بدءاَ بالشَريعة الإسلامِية ثُم الطِب ثُم الأوْلى فالأوْلى .

ومِن منْطلق وجُوب التَعلم سَهلت الجهَات الأمنية بتوجِهات كَريمة سَامية إكمَال التَعليم لمنْ هُم خَلف القُضبان ، هَذه
البَادرة الكَريمة أفَادت أولئك بالخَير الوفِير ، فتَعلموا أمُور دِينهم
ودنيَاهم ليَخرجوا إلَى المجتَمع وقُد أزيلّ الجُهل مِن دَاخلهم فَينتفع  بِهم الوطن ، ويَكونوا لبنَات مُجتمع صَالح .
كَم سُررت عِندما عَلمت أنّ سُجون العَاصمة المقَدسة أحتَفلت قُبيل أيَام بتخْريج دُفعه جَامعية مِن نُزلائها ينتَظرون إنتهَاء محكوميَاتهم ليعُودوا إلَى مُجتمعهم ويَركضوا فَوق ثَراه بِعلمهم ويسَاعدوا فِي رُقيه ونَهضته .
فنَظرة ولَاة الأمْر – حَفظهم الله – صَائبة حَكيمة تَسعى إلَى رُقي
الموَاطن أينمَا كَان ، فهولاءْ المحكُوم عَليهم بحدُود شَرعية عِندما
أنِيرت بصِيرتهم بالعِلم والتَعلم بأمْر ولَاة الأمْر ، ونُميت مهَاراتهم
مِن خِلال الدِراسة ، وصُححت نَظرتهم ، وغُيرت سُلوكياتهم ستُشرق عَليهم شَمس الحيَاة حتماً ببهجتهَا الإيجَابية الجمِيلة لإنتقَالهم مِن حيَاة الجُهل والضيَاع لحيَاة العِلم والمعْرفة .
والشُكر الجَميل موصُول لرجَال أمنْ السُجون بالعَاصمة المقَدسة الذِين أعَانوهم فِي إكمَال درَاستهم مِن خِلال تَهيئة الوضْع الدِراسي لهُم ، وكَانوا لهُم خَير مُعين بَعد الله .
شُكراً مِن أعمَاق القَلب لولَاة الأمْر الذِين أتَاحوا الفُرصة لهُم
لتحسِين وضْعهم التعْليمي ، وإنَارة بصِيرتهم .
شَكراً لكُل مَن سَاهم وسَاعدهم ليَكونوا متعلمِين .
تعلم فليس الـمرء يولد عالمـاً
وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنـده
صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالـماً
كبير إذا ردت إليـه المحافـل
نبيه بن مراد العطرجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com