قرأت بيت شعر للمتنبي يقول فيه:
“إذا كنت ما تنويه فعلًا مضارعًا
مضى قبل أن تلقي عليه الجوازم”
ذكرني هذا البيت بالتخطيط الاستراتيجي الذي نبدأ فيه في تشخيص الواقع “الحاضر”؛ لنضع خطة لتُحقق أهدافنا في المستقبل، وإن كنا نستغرق في تشخيص الواقع وتحليله من النواحي المالية والمادية والاجتماعية، وما يؤثر عليه ويتأثر به وما يدعمه ويُمثل له فرصًا، وما يُمثل له خطرًا يهدده. إلا أننا ـ من وجهة نظري ـ يجب أن لا نغفل عن قراءة المستقبل ونأخذها في عين الاعتبار عند تشخيصنا ووضعنا لخطتنا التي نطمح أن ننتقل فيها من موقعنا في الحاضر إلى موقع في المستقبل، ولا نكتفي بمعطيات تشخيص الواقع الذي انطلقنا منه، والذي أصبح ماضيًا بمجرد أن انتهينا من وضع الخطة أو حتى كما يقول المتنبي قبل أن نشرع في كتابتها.
وقراءة المستقبل تختلف عن كون الخطة تتمتع بالمرونة التي تُكسبها القدرة على التعامل مع ما يطرأ من تغيُّرات، وهي مطلب لكل خطة. إنما المقصود بها قراءة المستقبل التي تُمكنا من توقع هذه التغيرات المستقبلية، وبالتالي الاستعداد الجيد والمسبق لها حتى لا نضطر الانتقال من الإدارة التي تُمكنا من تحقيق الأهداف التي وضعناها في خطتنا إلى إدارة الطوارئ التي تجعلنا نضع أهدافنا أو حتى خطتنا بكاملها جانبًا.. إن تتابعت علينا الأمور الطارئة؛ لنتفرغ للتعامل مع هذه الأمور الطارئة؛ مما يؤثر بدوره على تحقيق خطتنا.
– مهتم بالجودة والحوكمة