«زاوية منفرجة»
في عام 2006، رفعت الأبقار اليابانية المتحضرة عريضة إلى رئيس الوزراء وقتها، جونيتشيرو كويزومي، مطالبة بوقايتها من الجنون، بعد أن ذاع أمر إصابة أبقار أوروبا بلوثات عقلية جعلتها تتعرض للإبادة الجماعية حرقًا. ومعلوم أن أبقار أوروبا خضعت لاضطرابات نفسية، ثم نظمت صفوفها وطالبت بتغيير النظام، فصار ممنوعًا ذبح أي عجل لم يبلغ سن الرشد (6 أشهر).
سبحان الله، فأبناء آدم يبلغون الرشد في نحو الـ 16 من العمر، ومنهم من لا يبلغه حتى في الستين، كما أن البهائم تتفوق على البشر في كونها تمشي على أرجلها بعد دقائق معدودة من ولادتها، بينما لا يمشي ابن آدم قبل نحو 12 شهرًا من يوم مولده. ولكن عقول معظم الحيوانات تتوقف عن النمو عندما تبلغ سن السادسة، بينما لا يتوقف عقل الآدمي عن النمو طالما هو يستخدمه (والاستثناء هم الفئة التي نسمي الواحد منهم «ثور» لأنه لا يسمح لدماغه بالتطور، ويكون ذلك بطلب العلم والتعلم من التجارب).
المهم أنني تذكرت اليوم واقعة تخص كويزومي هذا، والذي اعتبره اليابانيون رئيس وزراء «شبابيًا»، وفي الذكرى الستين ليوم ميلاده احتفل الرجل بتلك المناسبة بارتداء الملابس الحمراء، من منطلق أن الحياة في اليابان تبدأ في الستين، بوصفها المحطة الشبابية الثانية في حياة الإنسان. مما يؤكد أن اليابانيين شعب «فهمان»، وليسوا مثلنا يطلقون لقب «شيبة» أو «شايب» على كل من ابيضّ جزء من شعره!
وبحمد الله فإنني ما زلت بعيدًا عن الستين، لأن طريقتي الثورية في احتساب عمري تستند إلى الإنجازات، فأُسقط أي سنة لم أنجز فيها شيئًا مهمًا من حساب عمري. ومعنى ذلك أن بإمكاني أن أشطب ربع قرن من سنوات عمري. ويعجب بعض معارفي، مثلًا، عندما أظل أردد لسبع سنوات متتالية أن عمري 39 سنة، لأنني أؤمن بأن العمر «مش بعزقة»، ومن ثم لا أقبل زيادة رصيدي العمري بسنوات كلها خيبة. ولو استخدم العرب طريقتي أعلاه في الحساب، فسيكون عمر الجامعة العربية يومين فقط، وعمر القضية الفلسطينية أسبوعًا واحدًا.
ونفيًا لتهمة التصابي فإنني أعرض عليكم العلامات الرئيسية للتقدم في السن التي قمت بتقييم حالتي في ضوئها، وخرجت بنتيجة إيجابية: تعرف أنك أصبحت كهلاً، وراحت عليك، عندما تنام أنت وأسنانك في مكانين منفصلين، أو تغرس تلك الأسنان في قطعة لحم فيرتد إليك فمك بينما تبقى الأسنان مغروسة في اللحم. أو عندما تلاحظ أن جوربك، أي «شُرّابك»، به ثنيات وغير مشدود فتنحني لتصلح حاله وتكتشف أنك لا ترتدي جوربًا!
أما إذا كان القيام من الكرسي أو الكنبة يتطلب منك محاولتين، وتذهب إلى الصيدلية لأن العاملين فيها هم أقرب الناس إلى قلبك، فركّز أكثر على صالح الأعمال. وإذا كنت من الفئة التي تنطبق عليها المواصفات أعلاه، فاحترم نفسك ولا تذهب إلى الخارج في عطلة سياحية، لأن لياقتك البدنية ستنتهي قبل انتهاء نقودك. وفي هذه الحالة تجنب الكرسي الهزاز لأنك لن تستطيع تحريكه وقد يصيبك ذلك بالإحباط، وتضطر مكرهًا إلى التخلي عن مشروع «تجديد شبابك» بعروس فل أوتوماتيك.
وإياك ثم إياك — أيها الرجل — أن تحلف بالطلاق على مسمع من زوجتك، لأن الأمر قد «ينقلب إلى جد» وتكون أنت الخاسر.
الحروف الهجائية تنقلب عليك إذا تقدمت في السن، ومنعًا للإحباط الوبائي فلن أقف عند ما يخبئه كل حرف للإنسان خلال مسيرة العمر، بل عند حروف قليلة:
- الألف: ترمز للأرق والإمساك.
- الباء: ويلات البروستاتا وفوقها البواسير.
- الحاء: الحساسية التي تسبب الحكة وتجعل جلدك مثل جلد السمكة.
- الخاء: الخرف.
- الدال: دوالي الساقين.
- الراء: الرجفة في غير موسم البرد.
- الصاد: الصمت المطبق الذي يلفك بعد أن يبتعد عنك ذووك بزعم أنك كثير الشكوى والطنطنة.
- الضاد: الضمادات (الكمادات) الساخنة شتاء والباردة صيفًا.
- الطاء: الطعنة في فخذك الأيمن فتطالب بعرضك على أخصائي قلب، لكن أحفادك يصرون على أن القلب في الجهة اليسرى.
- العين: عرق النسا الذي لا يصيب النساء!
- الغين: الغازات التي تقول إنها غرغرينا، وتكتشف لاحقًا أنها ليست مشروبًا غازيًا جديدًا.
- الفاء: فقر الدم.
- القاف: القرف من الأكلات عديمة الطعم التي يفرضها الطبيب الهندي عليك.
- الكاف: كليتاك اللتان أصبحتا «نشافة».
- اللام: اللوكيميا التي تظنها أكلة هندية.
- الميم: المناخوليا كلما رأيت أحفادك يطاردون مذيعة تلفزيونية اسمها على وزن جعران!
- الهاء: الزفرة التي تطلع منك كلما حاولت أن تضحك.
- الواو: وسادة خالية أبكاك عليها إحسان عبد القدوس قبل سنوات.
- الياء: يا رب حسن الخاتمة






