رُزئت الأمة السعودية والإسلامية فجر الأول من شهر ربيع الآخر بوفاة علمٍ من أعلامها، ونجمٍ من نجوم الفقه الإسلامي، وبحرٍ في الفتوى، سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، مفتي عام المملكة العربية السعودية.
كان عالمًا جليلاً وسطياً، عرفته عن قرب في كثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وخطيبًا اعتلى منبر عرفات لأربعين عامًا. وكنت ضمن الوفود الإعلامية التي تنقل خطبه وتعلّق عليها على الهواء مباشرة. ومن يراجع خطبه يجد أنه كان يُعِدّها مبكرًا، ويُدرّسها لطلابه، ثم يُلقيها ارتجالاً أمام ملايين الحجاج يوم عرفة.
لقد كان على رأس هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وعُرف عن سماحته اللطف والعبادة والانتظام في إمامة المسلمين بجامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض. وحقّ لي أن أتوقف عند مشاهد من علاقتي بسماحته كما عرفته عن قرب.
فقد عرضت عليه برنامج الإفتاء في التلفزيون على الهواء مباشرة، فرحّب بالفكرة، وحضر إلى الاستديو، حتى هيأ له الزملاء في الهندسة غرفة للبث المباشر من الجامع. وأصبح مع الزميل عبدالكريم المقرن والزميل خالد الرميح ضيفًا دائمًا. كما قدّم العديد من البرامج الإذاعية، وبعدما خف صوته تولت إذاعة القرآن الكريم إنتاج “فتاوى سماحة المفتي العام” تُذاع بعد الظهر يوميًا.
وبعدما عُيّنت وكيلاً للوزارة، استمرت علاقتي بسماحته؛ حتى زرته قبل أشهر في منزله لنُجري حديثًا لوكالة الأنباء السعودية، يوجّه فيه كلمات إلى رجال التربية والتعليم وأبنائه الطلاب والطالبات. كان لا يقلل من قيمة أي رسالة نافعة للمجتمع، يبذل جهده ووقته للأمة كلها، وكان يسألني في كل مرة: “سليمان، وش عندنا نتكلم عنه اليوم؟”، فلا يترك دقيقة إلا ويستثمرها عبر الإذاعة أو التلفزيون أو الصحافة، التي كان يمنحها جزءًا من وقته رحمه الله.
وقبل وفاته بأسبوع، وافق على أن نشرع في وضع فتاوى خاصة بركاب الطائرة، وتم تسجيلها بحمد الله، كتبها الله في ميزان حسناته. لقد كان متصفًا بالسماحة والوسطية والاعتدال، زاهدًا عابدًا، رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه أعلى الجنان يا رب العالمين






