المقالات

المعلم… صانع الأمل وحارس القيم

دكتوراه في الأدب والنقد

تخيل معي للحظات أن كل عظيمٍ ومؤثر قرأتَ اسمه في سجلات التاريخ، والعلوم والأدب والفنون هم نتاج قائد رحلة التعليم الذي لا يملك عصاً سحرية، بل يمتلك فكرواع وقلب صادق وكلمة مؤثرة.

إنّه المعلم مهندس العقول الذي لا يشيد بنايات من حجر، بل يشيد الإنسانية كلها. وفي وقتٍ تُقاس فيه القوة بالاقتصاد، تظل صناعة العقول هي الاستثمار الأمثل.
ويضل المعلم هو الجندي الفَذُّ الذي لا يحارب جهلاً بعينه، بل يزرع في كل طفلٍ بذرة أمل وعطاء للمستقبل.

أن أعظم إرث يمكن أن يتركه الإنسان هو أثرٌ في عقلٍ وروح؛ لذا نقف اليوم في الخامس من أكتوبر – يومِ المعلمِ العالمي – إجلالًا واحترامًا لرسول العلم، وريث الأنبياء، وحامل راية الضياء، ونتوقف قليلًا نتذكر أولئك الذين وضعوا في أيدينا القلم، وفي قلوبنا المعاني والقيم، رسلِ العلم، وورثة الأنبياء، من سبقونا في حملِ رايةِ الضياء.

إن الاحتفال بيوم المعلم هو احتفال بالوعي، تكريمٌ للعقل، وإجلالٌ لمن أضاءوا طريق البشرية، إنه تذكيرٌ بأن كل خطوة نحو المستقبل تبدأ بيدٍ كتبت، وقلبٍ آمن بأن النور لا يُطفأ إذا كان منبعُه علم ويقين.

فكم من قلبٍ كان مظلمًا، أضاءه درسٌ هادف، وكم من عقلٍ حائرٍ أرشده صوت روح الحكمة، فالمعلم هو الذي يرى في الطفل البسيط قائدًا، وفي التلميذ الصامت مفكرًا، وفي المتعثر نبوغًا قادمًا.

إنه الحارس الصامت للأحلام والقيم، وكما تظل الشجرة باسقةً ما دام جذرها حيًّا، تبقى الأمم شامخةً ما دام معلموها أوفياءَ للرسالة.
ولْيكن يوم المعلم دعوةً سنويةً لتجديد العهد: أن الأحلام لا تكبر وحدها، وأن النجاح لا يُورث، بل يُزرع…

دُمتَ للعلم منارة، وللقيم حارسًا، وللأمل صانعًا.

د. بدرية الجعيد

دكتوراه في الأدب والنقد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى