المقالات

السعودية ومصر… نسيج واحد لا تهزه العواصف

من يقرأ التاريخ بعين البصيرة يدرك أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية لم تكن يومًا علاقة مصلحة عابرة، بل هي علاقة قدرٍ ومصيرٍ مشترك، نسجتها خيوط العقيدة والدم والعروبة منذ فجر الرسالة المحمدية. فقد تزوج الرسول ﷺ من مارية القبطية المصرية، لتكون تلك المصاهرة رمزًا خالدًا لوحدة القلوب قبل وحدة الحدود، ولتؤسس لمعنى أعمق من الجوار، هو معنى الانتماء الحضاري الواحد بين أرض الحرمين الشريفين وأرض الكنانة.

وعبر القرون، ظلّ الطريق بين مكة والأزهر شاهدًا على تواصل العلماء والحجاج والتجار، حتى أصبح البحر الأحمر أقرب من أن يكون فاصلاً، بل هو جسرٌ روحيّ وثقافيّ يصل بين جناحي الأمة. وعندما قامت الدولة السعودية الحديثة، كانت مصر أول من أيّدها واحتفى بقيامها، كما كان الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – يدرك أن قوة العرب في وحدة الصف السعودي المصري، وأن استقرار أحدهما هو استقرار الآخر.
وفي التاريخ شواهد لا تُمحى، أبرزها موقف الملك فيصل بن عبدالعزيز في حرب أكتوبر 1973م، حين وقف بكل شجاعة إلى جانب مصر، وأغلق منابع النفط في وجه الدول المعتدية، فكتب للعرب صفحة عزٍّ مجيدة في التضامن والكرامة. ومنذ ذلك اليوم، أصبح التحالف السعودي المصري ركيزة الأمن العربي، وسياج الأمة في وجه من يتربص بها من الخارج أو الداخل.
واليوم، حين تشتد حملات التشويه، وتُبثّ الشائعات، ويعمل المغرضون على تفتيت عضد الدولتين وخلق الفتن بين الشعوب، يثبت الوعي الجمعي للشعبين السعودي والمصري أنه أقوى من الأكاذيب، وأوعى من المؤامرات. فالمملكة ومصر تتعرضان لهجمات إعلامية ومنصات إلكترونية تُدار بأيدٍ خفية تسعى لإضعاف الدولة الوطنية، وتشويه رموزها، وإثارة الفتن بين أبنائها، لكنها تفشل أمام صخرة الوعي الراسخ والإيمان بالوطن والقيادة.
لقد وحّدت التجارب والمحن الشعبين في نسيجٍ واحدٍ لا يُمزَّق، يقوم على الثقة المتبادلة، والاحترام العميق، والمصير الواحد. وفي وقتٍ تترنح فيه بعض الدول تحت عبء الانقسامات، تقف السعودية ومصر شامختين كـ قلبٍ واحدٍ ينبض بالعروبة والإسلام والاعتدال. إنّ استقرارهما هو استقرار الأمة كلها، وقوّتهما ضمانة لسلام المنطقة وتوازنها.
وهكذا تظلّ الوشائج بين القاهرة والرياض عصيّة على الكسر، لأنّها لم تُبنَ على السياسة وحدها، بل على الإيمان، والمصير، والدم، والتاريخ. فكلّ من راهن على الفُرقة خسر، وكلّ من أراد بثّ الفتنة تهاوى صوته أمام صوت الوعي والولاء. وستبقى السعودية ومصر – بإذن الله – درع الأمة وركيزة وحدتها وعماد نهضتها، لا تنال منهما ريح الفتنة ولا يطفئ نورهما دخان الحاقدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى