أعتقد أن فرض التأمين ضد العيوب الخفية للمباني- مع ما يشكله من عبء إضافي يرفع تكلفة البناء- لم يفرض إلا لضمان سلامة المباني من جانب، ولحفظ حق المستفيد من أن يذهب حلمه في امتلاك منزل العمر أدراج الرياح في حال طرأ عليه خلل في الهيكل الإنشائي- الذي هو عماد قيام المبنى واستدامته- أو التشطيبات الخارجية.
إلا أن تأخير إصدار وثيقة التأمين أضحى مصدر ضجر وقلق للمواطن، لما يترتب على ذلك من تأخير البدء في البناء وبالتالي الإنجاز، وذلك لمماطلة شركة التأمين الوحيدة التي لم تعبأ بمطالبات العملاء، كما لم تأبه بانتظارهم المرهق الذي يستمر أشهرًا دون جدوى، تحت ذرائع متعددة، وتهاون غير مبرر من طاقم العمل، تحت حجج الضغط على النظام أو تعليقه، أو تحديثه، أو عدم ظهور معلومات العميل، أو لادّعاء خلل طاريء، ولربما لعدم البت أو عدم تسجيل المعلومات من الأصل.
وكأنما عاد بنا الزمن إلى المعاملات الورقية ولطوابير الانتظار، ولحكايات «راجع غدًا.. وإن غدًا لناظره قريب»، في زمن لم يعد للتأخير والتسويف مبرر في ظل التحول إلى الرقمنة وأتمتة الإجراءات.
إذ إن تفرد شركة التأمين المعنية جعلها تطمئن أن لا مفر للمواطن عنها، كما لا عقوبة تطالها، ليضطر مالك المبنى ومعه المقاول إلى الانتظار الطويل لأجل غير مسمى، ليصبح التأمين إزاء ذلك معطّلاً للتنمية العمرانية ومصدرًا للقلق، بدلاً من أن يكون ضامنًا ومطمئنًا.
وإزاء تلك التراكمات المزعجة والإجراءات الرتيبة طويلة الأجل وغير المبررة، فإن الأمر- والحال كذلك- يتطلب إيجاد حلول عاجلة من قبل هيئة التأمين، ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، والبنك المركزي السعودي، ومنها:
• إسناد التأمين لأكثر من شركة بدلاً من شركة واحدة لم تعد قادرة على استيعاب وتلبية الكم الكبير من الطلبات مساواةً بتأمين السيارات، ولإيجاد منافسة أيضًا في الأسعار بدلاً من ارتفاعها واحتكارها.
• تمديد فترة التأمين لما لا يقل عن 30 عامًا أو يزيد، إذ إن الفترة الحالية المحددة بـ(10) سنوات لا تحقق الجدوى من التأمين، سيما أن الغالبية يتملك المنزل عن طريق الرهن العقاري الذي يمتد لما يقارب الثلاثة عقود، مما يهدد مصيره حال وجود عيب بعد انقضاء فترة التأمين القصيرة.
• التأكيد على شركات التأمين بضرورة إنهاء إجراءات المستفيد خلال فترة وجيزة في ظل التعاملات الرقمية وبما لا يزيد عن 10 أيام.
• فرض عقوبات وغرامات على شركات التأمين التي تتجاوز الفترة المحددة للإنجاز المقررة، لضمان انسيابية العمل وعدم تأخير المعاملات حفظًا لحق المستفيد وسدًا لذرائع المماطلة والتأخير.





