المقالات

دوّن يا تاريخ… هنا محمد بن سلمان يضيف للوطن عزّاً فوق عزّ

في سجلّ العلاقات الدولية، لا تمر بعض الزيارات مرور العابرين؛ بل تستقر في ذاكرة الزمن لأنها تعبّر عن تحوّل، أو ترسم مساراً جديداً، أو تعيد صياغة موازين القوة. زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة جاءت من هذا الطراز؛ زيارة ذات ثقل تاريخي لا يُقاس بالمراسم وحدها، بل بما حملته من رسائل، وبما فتحته من آفاق، وبما عكسته من مكانة المملكة اليوم.

منذ اللحظة الأولى لوصول سموه إلى واشنطن، كان المشهد واضحاً: استقبال استثنائي، مهيب، وفاخر، يليق بقائد وضع اسم السعودية في قلب العالم السياسي والاقتصادي. التحية العسكرية، العروض الجوية، الكلمات الرسمية الرفيعة—جميعها لم تكن مجرد بروتوكول، بل تعبيراً عن اعتراف أمريكي بقيمة شريك استراتيجي يحظى بالاحترام والتأثير.

غير أن الجانب الأعمق في هذه الزيارة يكمن في دلالاتها التاريخية. فمنذ عقود، والعلاقات السعودية–الأمريكية تمر بمحطات وتجاذبات، لكنها تعود في كل مرة لتثبت أنها علاقة تصنع المستقبل. وفي هذه الزيارة تحديداً، بدا واضحاً أن المملكة لم تعد مجرد حليف تقليدي، بل قوة صاعدة تحرك الأسواق، وتؤثر في القرار الدولي، وتعيد هندسة شكل المنطقة.
حملت الزيارة معها استثمارات عملاقة واتفاقيات استراتيجية في مجالات متعددة، من الطاقة والدفاع إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ما يفتح باباً جديداً من التعاون الذي يعكس ثقة دولية في قوة السعودية ومتانة حضورها.

وعلى المستوى السياسي، جاءت الزيارة لتؤكد أن المملكة اليوم صوتٌ مسموع وركنٌ أساسي في أمن الشرق الأوسط واستقرار العالم. ولم يكن ذلك شأنًا ثنائيًّا فحسب، بل امتد أثره إلى ملفات إقليمية أشدّ تعقيدًا. ففي أعقاب اللقاء، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إدارته ستعمل على إنهاء الحرب في السودان بناءً على طلبٍ مباشر من سموّ الأمير محمد بن سلمان؛ وهو تصريح يكشف بوضوح حجم التأثير السعودي في تشكيل أولويات السياسة الدولية، ويبرهن على أن الرياض لم تعد تتابع الأزمات من بعيد، بل تسهم في صياغة حلولها ودفع العالم نحو استقرارٍ يحتاجه الجميع

إنها باختصار:
زيارة تُسجَّل… لا تُنسى.
وتُدوَّن… لأنها صنعت فارقاً.
وتُقرأ… لأنها عبّرت عن مستقبل وطن يمشي واثقاً نحو العالم.
هنا السعودية… ماضٍ عريقٌ سجلته النقوش، وحاضرٌ نابضٌ تُشيّده الإرادة، ومستقبلٌ ينسج خيوطه قادةٌ يعرفون أين يُوضع الخطو وكيف تُفتح الدروب…»
وفي زيارةٍ كهذه، يتأكد مرة أخرى أن المملكة لا تنتظر التاريخ ليدوّنها… بل تذهب إليه حيث يكون، وتكتب معه صفحاتها القادمة بيدٍ ثابتة، ورؤية تتسع كل يوم، وصوت يسمعه العالم.
ويبقى لسان الحال يقول:
هنا السعودية… حيث المكاسب اليوم، وحيث المستقبل يبدأ، وحيث يضيف محمد بن سلمان للوطن عزّاً فوق عزّ.

أ.د فتحية بنت حسين عقاب

جامعة الملك سعود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى