المقالات

التخبيص الكروي بفلوس

التخبيص الكروي بفلوس
أسعد عبدالكريم الفريح

هناك عدة عناوين تصلح لمقالي هذا، ومن ضمنها المثل الشعبي الذي يقول:
“يا من شرى له من حلاله عِلّه.”

ويقول الشاعر مزيد الوسمي:

يا من شرى له عِلّةٍ من حلاله
وازرى يقلبها من الحطّ والشيل
إن سامها ما عوّد براس ماله
وإن ردّها ردّت عليه التفاصيل
ما كل صعبٍ في الحياة استحاله
المستحيل إن الليالي تساهيل

وهذا المثل ينطبق على الكثير من مناحي الحياة، لكن هنا سأخصصه للمجال الرياضي الذي كثرت فيه العلل. وتناولي هنا للأمثلة وليس لنادٍ بعينه، فربما ينطبق المثل على كل الأندية، إلى جانب المثل المعروف:
“ياليتنا من حجّنا سالمين.”
كما قال الشاعر بصري الوضيحي الشمري:

ياليتـنـا مــن حجـنـا سالميـنـا
كان الذنوب اللي علينا خفيفـات
رحنا نبـي نخفـف ذنــوبٍ عليـنـا
وجينا وعلينا كثرها عشر مرّات

وطبعًا، وبدون أدنى ولا أعلى شك، فإن اختيار المدربين يتفوّق بأنه الحقل الذي تكثر فيه سوء الاختيارات — التخبيص — والدليل على ذلك أن القِلّة من المدربين، خاصةً في دورينا، من يبقى أكثر من سنتين.

وسواء كان المدرب هو العلّة أو لا، فهو الذي يُحمَّل المسؤولية. وبعض المدربين ينطبق عليهم:
“راسٍ وألف بالصكّات ما يبالي.”
ما عنده مشكلة… المهم يقبض المعلوم، وعساها ما حَرَكت!

وقد يكون المدرب ستيفانو بيولي في الوقت الحاضر مثالًا مناسبًا لهؤلاء المدربين. فهو جاء للنصر ولم يمكث إلا موسمًا إلا خمسة، فكان النصر واعيًا مبكرًا فألغى عقده… لكن طبعًا بعد ما “تنغنغ” بالرواتب وقيمة الإلغاء.

ولو حصل على راتب سنة واحدة فقط كاملًا لكان قبض 12 مليون يورو، يعني 52 مليون ريال.
يعني لو أنا مدرب… ما راح أبهدل أي فريق أكثر منه وأقبض هذا المبلغ! حاجة ولا في الخيال!

عمومًا، قد يكون من اختاره معذورًا، أو ربما “غُمّ عليه ولم يراجع مسيرته جيدًا”، أو لضيق الوقت. ولعلها كانت خيرة على النصر النادي الكبير مع مدربه الجديد، وهو واثق الخطوة يمضي قُدُمًا بدون خسارة، ومرشح كبير لبطولة الدوري.

لكن المثير أن ناديًا إيطاليًا، وهو فيورنتينا، تعاقد مع بيولي!
وهذا الأخير أينما يذهب… يقبض. وما عليه من النقاط: خلّها تِوَلِّي!

ففي سبع جولات متتاليات أثبت أن الصاعقة ما تاخذ شيء من البيت الخراب.
والبيت الخراب هنا هو بيولي، الذي لا يأخذ منه أحد شيئًا مفيدًا، بينما هو يأخذ من كل نادٍ ما لذ وطاب… وبعدها يمسك الباب.

وأنصح أي نادٍ يريد عذرًا رسميًا لأنه غير قادر على تحقيق بطولة أو مركز متقدم… أن يسارع بالتعاقد معه! حتى يرمي العذر عليه بسوء النتائج.
فهو مدرب مضمون للفشل… ولكن يشترطون عليه في العقد عقوبات إذا حقق نتائج جيدة!
وبالتالي، إن حدث — بالمشمش — وحققوا تقدمًا، يحصل النادي منه على مبالغ المكافآت العكسية! وبذلك يكون النادي الوحيد الذي عرف من أين تؤكل كتف بيولي.

والأمثلة كثيرة على سوء الاختيارات، سواء للاعبين أو للمدربين. كما حدث مع الاتحاد مع عدد من المدربين؛ فمارسيلو غاياردو جاء بهيلمة كبيرة لكنه خبّصها وأخذ المعلوم وخرج ولن يعود.
وكذلك خوان ماكيدا الذي يمكن — بكل أريحية — أن نكتب اسمه: خوان مكيدة.
فرغم الدعم الكبير من إدارة نادي الفتح، إلا أنه خاض ست مباريات فقط في الدوري السعودي للمحترفين: فاز في واحدة وخسر خمس قبل أن يُلغى عقده.

وكذلك حصل مع أغلب أنديتنا. ولا ننسى منتخبنا؛ فمن محطة إلى محطة، وكل مدرب “يتخطّى ويجي غيره”… ويخبّص أحدهم، فيُلغى عقده، والذي بعده يخبّص، فيرجعون الذي خبّص قبله!
ويا كد مالك خلف!

أما خارج دورينا، فأسرع مدرب تم إلغاء عقده هو ليروي روزنيور الذي أقيل بعد 10 دقائق فقط من توقيع عقده مع توركاي يونايتد عام 2007!
يليه مارسيلو بيلسا الذي استقال بعد يومين فقط من توقيعه مع لاتسيو عام 2016.

لدينا مدربون تصل عقود بعضهم إلى 100 مليون، ولكن — فوق ذلك — يجعلون النادي مديونًا، والبطولة: “بحّ”!
فيُناقضون تمامًا مقولة:
“الغالي ثمنه فيه.”
ويصير حشفًا وسوء كيلة…

وهذا هو مثلنا الأخير الذي ينضم للعقد الفريد لأمثلتنا اليوم… وبه نختم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى