ليس من السهل أن نكتب عن الرحيل، ولا أن نختصر سيرة رجلٍ كان حضوره يسبق اسمه، ويترك أثره قبل أن يترك موقعه. في هذا اليوم، نفقد اللواء عبدالعزيز الزهراني رحمه الله، ونفقد معه أخًا وزميل درب، وقائدًا عرفت فيه الصدق قبل المسؤولية، والإنسان قبل المنصب.
عرفته عن قرب حين كنتُ أتولى إدارة العلاقات والإعلام بمديرية الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، وأقوم بمهام المتحدث الإعلامي لها. كان آنذاك مديرًا للعمليات بإدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة، ثم مديرًا للدفاع المدني بالمحافظة ذاتها، قبل أن تمتد ثقته ليُعيَّن مديرًا للدفاع المدني بمنطقة عسير. تنقّلت مهامه، لكن ثباته على القيم لم يتغيّر.
كان عبدالعزيز الزهراني رجل عمل لا رجل كلام، هادئ الحضور، عميق الأثر. وكنتُ كلما التقيت به في ميدان العمل أشعر أن الأمور ستكون بخير؛ فوجوده وحده كان يمنح من حوله طمأنينة لا تُكتسب بالمنصب، بل تُولد من صدق القائد وإيمانه برجاله.
شهدت له – والله شاهد – بجديته العالية، وإخلاصه الصادق في أداء واجبه، وانضباطه الذي لم يكن نابعًا من سلطة، بل من قناعة راسخة بأن خدمة الوطن أمانة لا تحتمل التهاون. لم يكن النجاح عنده إنجازًا شخصيًا، بل فرحة جماعية، ولم يكن يرى في زملائه موظفين، بل إخوة وشركاء طريق.
كان يؤمن أن العمل لا يكتمل إلا بروح الفريق، وأن الهدف ما دام نقيًا سيظل جامعًا للجميع. وبين ضغط الميدان وتعقيد المهام، كان حاضرًا بابتسامته الهادئة، وكأنها تقول لمن حوله: سننجح ما دمنا معًا.
رحل اللواء عبدالعزيز الزهراني، وغاب حضوره الجسدي، لكن بقي أثره حاضرًا في النفوس، وفي ذاكرة كل من عمل معه، وفي سجل الدفاع المدني الذي كُتب بتضحيات رجال أوفياء من أمثاله.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعل ما قدّمه في ميزان حسناته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
رحمك الله يا أبا خالد… ستبقى أخًا في الذاكرة، وقائدًا في الدعاء، وأثرًا لا يغيب.
• مدير إدارة العلاقات والإعلام بمديرية الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة سابقًا