
تألق اسم طلال الأحمدي في آفاق الشعر بإبداع، إذ كانت رحلته مليئة بالتميز والتفرد، حيث استطاع أن يحول انطلاقته المتواضعة إلى حضور ساحر وجمهور متفاعل، كيفما نسج بين خيوط التقاليد الأصيلة للألحان الجنوبية وابتكاراته الفريدة في أعماله الخاصة، وقدم قصائد تفوح بعمق الثقافة وهويتها، مؤكدًا أن الشعر لديه يتجدد ويزدهر مع كل مشاركة جديدة.
وفي حديثه، أكد «طلال» لصحيفة مكة الإلكترونية أن بداياته لم تحمل فارقاً صارخاً عمّن سبقوه في المجال، ولا يرى فيها ما يستوجب التهويل أو التوقف عنده طويلاً، مشيراً إلى أنه لا يزال يعد نفسه في طور البدايات، غير أن هذا التواضع لا يخفي حقيقة أن استمراره حتى اليوم لم يكن محض صدفة، بل نتيجة إشادات وجدها حاضرة، ودعم تلقاه بأشكاله البسيطة والعميقة في آنٍ واحد؛ فكل دعوة إلى حضور مناسبة أو مشاركة في حفل، كما أوضح، كانت تمثل بالنسبة له دعمًا معنوياً حقيقياً يستحق التقدير.
وحول حضوره في ساحة الشيلات، أشار إلى أن الساحة باتت مزدحمة بالأعمال، وأن الغالب عليها شيلات المناسبات، إلا أنه كشف عن ميل خاص تجاه الأعمال الخاصة، مؤكداً أنها تحمل رونقاً مختلفاً، وتمنح الشاعر مساحة أوسع للتعبير والتميز، بعيداً عن القوالب الجاهزة.
وفيما يتعلق بالتفاعل الجماهيري، أوضح «الأحمدي» أنه يجد إشادات جميلة على قصائده، معتبراً أن هذا التفاعل الإيجابي كان الدافع الأهم للاستمرار، مضيفًا – وبثقة هادئة – أنه لو لم يجد هذا الصدى، لما واصل المشوار حتى الآن، فالشاعر مهما بلغ من صلابة، يحتاج أحياناً إلى إشارة تقول له: أنت في الطريق الصحيح.
أما عن التحديات، فكشف أن معركته الحقيقية ليست مع الساحة أو المنافسين، بل مع ذاته؛ مع الفكرة والقصيدة واللحن، إذ يحاول في كل مرة أن يقدّم أفضل ما لديه، وأن يتجاوز نفسه قبل أن يفكر في تجاوز الآخرين، وهي معادلة صعبة، لكنها – كما يبدو – ضرورية في نظره.
وحول واقع الشيلات اليوم، أشار «طلال» إلى أنها باتت حاضرة في أغلب المناسبات، إن لم تكن جميعها، مؤكداً أن هذا المجال يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة ومحبة صادقة، وهو ما يجعله فناً متجدداً رغم تغير الأزمنة.
وعند سؤاله عن الألحان التي يميل إليها، أوضح أن انحيازه للألحان الجنوبية والعرضة بشكل عام، وبالأخص الألحان القديمة في المنطقة، مثل المسحباني واللعب والزار، معتبراً إياها موروثاً أصيلاً وجميلاً لابد من التمسك به، لا بوصفه مجرد موروث، بل كهوية وثقافة لا تقبل التفريط.
وفي حديثه عن القصائد الأقرب إليه، أكد «الأحمدي» أن القيمة لا تقاس بالاسم أو الشهرة بل بالأثر، فكل قصيدة تلامس قلوب الناس، أو تحمل بعداً اجتماعي صادق، هي قصيدة مهمة بالنسبة له، أما الأسلوب، فأشار إلى أن لكل شاعر طريقته في المحاورة والتعبير، وكل تجربة –في رأيه– تستحق أن تعطى حقها دون انتقاص.
وعن الحفلات، أوضح أنها لا تزال قائمة ولن تزول، لكنها تمر بدورات من الركود والنشاط، مشيراً إلى ما وصفه بالعصر الذهبي الذي صنعه شعراء كان لهم دور بارز في انتشار العرضة الجنوبية، وأسهموا في إحداث نقلة نوعية حقيقية في هذا الموروث.
أما عن سنة الانطلاقة، فكشف «طلال» أن بدايته الفعلية كانت في الصف الثاني المتوسط، من خلال مشاركاته في احتفالات المدرسة، قبل أن تتسع الدائرة إلى الاحتفالات الوطنية على مستوى المحافظة، ثم إلى بعض الحفلات العامة، في مسار تصاعدي يعكس نمو التجربة خطوة بخطوة، دون استعجال القفز إلى الواجهة.
وفي ختام حديثه، قال إن إقامته تتوزع بين الجنوب والمنطقة الغربية، وهو تنقل أتاح له الاطلاع على تنوع ثقافي وفني، انعكس بدوره على تجربته الشعرية.






