
منى 12 ذو الحجة 1432هـ
تشرئب أعناق أكثر من مليار ونصف مليار مسلم من كافة أرجاء الدنيا متطلعة إلى بقعة في قلب الكرة الأرضية هي مهوى أفئدة المسلمين يأتون إليها كل عام رجالاً وركباناً من كل فج عميق .
إنها مكة المكرمة والبيت الحرام والمشاعر المقدسة التي تحتضن هذه الأيام المباركة حوالي ثلاثة ملايين حاج أوشكوا على إتمام أداء فريضتهم تحفهم عناية الله تعالى وتحيط بهم حشود هائلة من الخدمات المتكاملة والترتيبات المحكمة وضعت جميعها بين يدي ضيوف الرحمن بغية تمكينهم من قضاء نسكهم بأمن وراحة وطمأنينة وأجواء إيمانيه رائعة .
لقد دأبت حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على تسخير كل إمكانيات وتجنيد كافة طاقاتها للتعامل مع هذا الحدث الإسلامي العظيم والسعي الحثيث على إنجاحه وبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق هذه الغاية النبيلة إيمانا منها بأنه واجب وشرف عظيم تقوم به منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ومن بعده أبناؤه الملوك رحمهم الله جميعا وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود .
وقد جدد الملك المفدى رعاه الله تأكيده على هذه المضامين حين قال حفظه الله ورعاه في كلمته التي وجهها لحجاج بيت الله الحرام أمس الأثنين( مِنْ فضل الله – تبارك وتعالَى – أنْ شَرَّف المملكة العربيَّة السّعوديّة بخدمة حُجَّاج بيته الحرام، تَسْتَشْعِر في ذلك عِظَم الأمانة الملقاة على عاتقها، وتَعْمَل على ذلك، مُحْتَسِبَةً الأجرَ والمَثُوبَةَ من الله – سبحانه وتعالى، ماضين في ذلك، مستمِدِّين العون مِنَ الباري تعالَى، جاعلين خدمة الحاجّ وأمنه أعظم مسؤولياتنا) .
ومع ذلك فإن العالم بأسره يذكر فيشكر هذه الجهود الموفقة حيث تعبر مكونات الأمة الإسلامية من قيادات ونخب وشعوب على الدوام عن بالغ الامتنان والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا على تحملها هذه الأمانة العظيمة بكفاءة واقتدار يشهد بهما الجميع بما في ذلك الدول غير ألإسلامية .
لقد كان مضمون البرقية التي تلقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يوم أمس من فخامة الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى ذلك حين قال فخامته مهنئا : أننا فخورون بانضمام آلاف الحجاج الأمريكيين إلى ما يقرب من ثلاثة ملايين مسلم يؤدون فريضة الحج لهذا العام .
وقد ذكر الرئيس الأمريكي في ثنايا برقيته لخادم الحرمين الشريفين أن مناسبة الحج ومناسكه تذكر البشرية بالجذور الإبراهيمية المشتركة للأديان السماوية الثلاثة التي تمثل كبرى التجمعات الدينية على مستوى العالم وفي ذلك إيماءة واضحة للمبادرة الرائدة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ودعا فيها للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات في مسعى منه رعاه الله لتحقيق التفاهم والتعاون بين الأمم التي تجتمع على مبادئ كبرى وتشترك في قيم عظمى مسجلا اسمه بأحرف من نور في التاريخ المعاصر كونه واحداً من أبرز دعاة السلام والحوار .
وللاستذكار فقد خاطب خادم الحرمين الشريفين المشاركين في المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي عقد في رحاب مكة المكرمة بالقول ( لقد جاءت دعوة أخيكم لمواجهة تحديات الإنغلاق والجهل وضيق الأفق ليستوعب العالم مفاهيم وأفاق رسالة الإسلام الخيرة دون عداوات أو استعداء ) . راسماً بذلك الطريق للحوار مع أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات حيث حددها أيده الله في القيم المشتركة التي دعت إليها الرسالات الإلهية التي أنزلت من رب العالمين لما فيه خير إلإنسان والحفاظ على كرامته وتعزيز قيم الأخلاق .