المحلية

هل هناك إستراتيجية للرياضة السعودية

[RIGHT][COLOR=#FF0036]هل هناك إستراتيجية للرياضة السعودية…؟[/COLOR] [COLOR=#0015FF]بقلم: مصطفى قطبي[/COLOR][/RIGHT] [CENTER][IMG]https://www.makkahnews.sa/contents/myuppic/04f6a45bbc29c2.jpg[/IMG][/CENTER]

أين تكمن المشكلة في الرياضة السعودية: في الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ أم في تشكيل وزارة للشباب والرياضة، أم في الأشخاص والقوانين والأنظمة النافذة للرياضة السعودية؟ وأيهما أفضل: رئاسة عامة لرعاية الشباب أم وزارة للشباب والرياضة؟

نحن في [COLOR=#FF003E]صحيفة مكة الإلكترونية،[/COLOR] نرى أن المسألة لا تكمن في التسميات: (رئاسة عامة، وزارة، هيئة، مجلس…)، إذ إن المشكلة الحقيقية: هل تريد الدولة رياضة أم لا؟ وما المستوى الذي تطمح إليه الدولة في المجال الرياضي؟
إن المسألة لا تكمن في الرغبة في تغيير العلاقات الحالية في الرياضة فحسب، بل أن تتغير طبيعة علاقاتنا نحن بالقائمين على العلاقات السائدة، لكي تحصل هذه العلاقات على تفسير آخر ومعالجة اجتماعية أخرى، كي لا يبقى كل شيء في دائرة تضييع الوقت نظرياً، وإشباع النفس اللفظي، والرأي غير البناء، فنغدو أبعد ما نكون عن العلاقات الواقعية، وعن المشاكل الحقيقية التي تحمّل الرياضة والرياضيين ما لا طاقة لهم به.

[COLOR=#FF002E]هل هناك إستراتيجية للرياضة السعودية؟[/COLOR] السؤال الذي يفرض نفسه: هل توجد إستراتيجية للرياضة السعودية…؟ وإذا كانت فأين هي؟ وما هي؟ وهل تهدف إلى الوصول بالفرد الرياضي إلى أعلى مستوى رياضي ممكن، في نوع النشاط الرياضي التخصصي، أم إنها تهدف إلى الإعداد للعمل والإنتاج والدفاع عن الوطن أم هي ترويحية جماهيرية؟.

بدايةً تهدف الإستراتيجية إلى تحقيق هدف السياسة، ويعد التخطيط جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجية الدولة، والتخطيط الإستراتيجي يختلف في طبيعته عن التخطيط الطويل المدى، من حيث أن الأول يرتبط بنوع الأهداف والاتجاهات، على حين الثاني يرتبط بالزمن الذي تشمله الخطة. فالوصول إلى المستويات الرياضية العليا في جميع أنواع الأنشطة الرياضية لا ينتج إلا من خلال التخطيط الصحيح لعمليات التدريب الرياضي، والذي يتراوح زمنه بين 8 ـ 12 سنة، والوصول إلى المستوى الرياضي العالي، لا يعتمد فقط على المواهب الرياضية الجيدة، وتوافر الإمكانات فقط، بل يعتمد على استمرار وتكامل تخطيط الإعداد الرياضي، والتدريب على أسس علمية تنتج بدورها الأبطال، وتطور قدراتهم إلى أقصى درجة ممكنة. إذاً، لا بد أن يتم التخطيط له في المؤسسات الرياضية العليا في الدولة، فاللجنة الأولمبية في البلدان التي تحترم نفسها رياضياً، هي الجهة المعنية بالقيام بهذا الدور من التخطيط. كما أن أسس بناء وتطوير الرياضة تعتمد على ثلاث قواعد تشكل الركيزة الأساسية للبناء الرياضي، وهي: الجانب البشري، الجانب المادي، والتفاعل بينهما. وإذا ما نظرنا إلى هذا الثلاثي الذي لا يمكن الفصل بين متغيراته، وحللناه بدقة، نصل إلى العوامل التي تقودنا إلى الوراء، والتي تحكم رياضتنا في واقعها الحالي.

أمام التقلبات والإخفاقات الرياضية السعودية، يمكننا أن نقف على حقيقة القطاع الرياضي، كما تتصوره الدولة أو بالأحرى الرئاسة العامة لرعاية الشباب. وللوقوف على حقيقة هذا القطاع يمكننا مساءلة ما يقوم به. على مستوى العمل المباشر، أي نشاط المدارس الرياضية، فإن المرحلة تتطلب الإجابة على العديد من الإشكالات:
[COLOR=#FF0026]ـ البنيات التحتية المتوفرة ومدى استيعابها للنمو الديمغرافي بالسعودية؟
ـ عدد الأطر المشرفة على هذه المدارس وانتشارها ومدى فعاليتها؟
ـ التجهيزات والآليات الموضوعة رهن إشارة هذه المدارس؟
ـ انضباط الممارسين ومواظبتهم على هذا النشاط الرياضي؟[/COLOR]

وأما الرياضة الجامعية، فهي التي تشكل قمة الهرم لقاعدة الرياضة في أي بلد رياضي متطور، وهذا ما يعطيها قدراً كبيراً وواضحاً من الاهتمام. ولكن ما نلاحظه ـ للأسف الشديد ـ في جامعاتنا هو أن الرياضة الجامعية معدومة حتى على مستوى الممارسة الترفيهية ما جعل الطالب يبتعد عن الممارسة الرياضية لعدم وجود الحوافز والمشجعات على ممارسة النشاط الرياضي، يضاف إلى ذلك أن الجامعات لا تتوافر فيها المنشآت الرياضية المطلوبة، والتي تدفع الطالب إلى الرغبة في الممارسة. مع وجود هذه المعوقات التي تؤدي إلى خسارة أهم شريحة من شرائح المجتمع التي من الممكن أن تتطور فيها الإنجازات الرياضية، وبناء على ذلك تقل القاعدة الرياضية نوعاً وكماً، ما يؤثر في المستوى العام للإنجاز الرياضي.

في الواقع، وصلت هذه التجربة إلى الباب المسدود. والمسؤولون يعرفون، ومع ذلك، فإن مهمة التغيير موكولة إلى أجل غير معروف. وحدهم المشرفون على هذه المدارس من يعانون، سواء في البحث عن الفضاءات اللازمة للممارسة الرياضية، أو في البحث عن الأطفال وجلبهم للممارسة في ظل غياب التجهيزات والأدوات الضرورية للقيام بالمهام الموكولة إليهم، وانعدام الحوافز لتشجيع الأطفال على الاستمرار. أما العمل غير المباشر، فإن الرئاسة العامة لرعاية الشباب باعتبارها الوصي على النشاط الرياضي، فهي مطالبة بالسهر على تكوين النخب الرياضية ذات المستوى العالي لتمثيل السعودية في المحافل الرياضية الدولية، مع ترسيخ وإبراز مكانتنا في هذا المجال.
فأمام عجز المدارس والجامعات في تخريج أبطال للمستقبل، كان لابد أن تعرف الرياضة السعودية العديد من الاختلالات والإخفاقات، مما انعكس سلباً على المستوى العام لرياضتنا حتى أننا لم نعد نساير حتى الدول التي كانت وراءنا بكثير، ولا أدل على ذلك، أن الرياضات التي تعتمد على المدرسة والجامعة كرافد من روافدها وصل مستواها إلى الحضيض (كرة السلة، اليد، الطائرة…) أما ما تعرفه الرياضات الأخرى من تقدم (تجاوزاً) فإنه لا يتميز بالاستمرار والمواظبة، ولا ينبغي أن يحجب عنا الرقم الهزيل لممارسي الرياضة بالسعودية، والذي يشير إلى أننا لسنا شعباً رياضياً.
[COLOR=#FF002E]فمتى ستصبح الرياضة من أولويات الدولة؟ [/COLOR]

إن المجتمعات المتقدمة تولي الرياضة عنايةً أولويةً من حيث إحداثها في جوهرها، كل ذلك يؤدي إلى النهوض والسير بخطوات واسعة نحو الحداثة، فالرياضة لا يمكنها أن تكون قوة فاعلة في المجتمع إلا بتطوير البحث العلمي، لتصبح الرياضة استثماراً وعملاً منتجاً، وليس استهلاكاً، وهذا يعني أن تكون مناهج الرياضة ـ بوجه عام ـ تتضمن المفاهيم والمعلومات التي تربط النظر بالعمل، واليد بالعقل. نحن نعلم أن النظام التدريبي الرياضي ينقسم إلى مراحل، ما يضطر واضعي المناهج التدريبية والرياضية إلى إعطاء كل مرحلة منهجاً يتوافق مع مرحلة سن المتدربين ونموهم الطبيعي، بدءاً من ممارسة النشاط الرياضي الأولي، وحتى الوصول إلى المستويات الرياضية العالية.
إن الدول التي نطلق عليها إسم الدول المعاصرة أو المتقدمة كانت في بداياتها متخلفة، ولكنها بالعلم والتعليم عبرت هوة التخلف في سنوات معدودة، هذا من جانب، ومن جانب آخر، كان الاهتمام الجاد بحل مشكلات الرياضة وتوجيهها الفعلي للسير في الطريق الذي يحقق الثقافة الاجتماعية والاقتصادية للفرد، وجعل الرسائل العلمية تؤدى على وجهها الصحيح، بما يجعل من الرياضي في نهاية الأمر فرداً صالحاً قادراً على أن يفكر التفكير السليم، ويعمل العمل القويم في تطوير الرياضة، وتوليد النشاطات التدريبية، وتوفر المعلومات عن مدى تأثير النظام في المتدرب. إذاً فلا بد من تحديد المفاهيم والطرائق عند تجديد أو تطوير النظم الرياضية في المنهج وطرق التدريب وكذلك البناء والتجهيزات المدرسية والجامعية وغير ذلك.

إن من مهام الرئاسة العامة لرعاية الشباب، هو رفع مستوى الحركة الرياضية بالسعودية، وإدخال تغييرات عميقة في طبيعة الرياضة وبنيتها وأهدافها، وتنظيمها وإدارتها ومناهجها وطرائقها ووسائلها، وليس إصدار البلاغات أو القرارات بتحديد موعد الافتتاح، أو تعيين موعد المسابقات أو المباريات وغير ذلك من مهامها.

إن ما ينبغي عمله هو تحسين نوعية الرياضة طبقاً لمخصصات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبذلك تكون قد حققت منجزات مهمة في الحقل الرياضي. فالنظام السليم ينبغي أن ينزع إلى استنباط أساليب جديدة وإلى السعي نحو أهداف جديدة، الأمر الذي يتطلب تخصيص موارد مالية كافية ووضع برامج تطويرية، واتباع نهج ينمو ويتطور ويتغير باستمرار نحو الأفضل، لتحقيق إنجازات رياضية متميزة على الصعيد العالمي. إن أي عملية من عمليات التنمية لا تحقق أغراضها ما لم يهيأ لها المدربون والفنيون والإداريون، لذلك كله فإن أي عملية من عمليات التنمية لا تحقق في الواقع الإنتاج المطلوب وإن وجد رأس المال اللازم، وإنما قبل هذا و فوقه، إيجاد رأس المال البشري، أي الطاقة العاملة المدربة، والقادرة على تسيير عملية الإنتاج، وصنع مشروعات التنمية.

من هذا كله هناك صلة عضوية قائمة بين حاجات التنمية وإعداد الطاقة العاملة تربوياً وتقنياً مدربةً ومؤهلةً، لتصبح لديها القدرة على تسيير دفة الإنتاج. وهكذا يستطيع الإنتاج أن يتماشى مع عصرنا هذا في مجالات النشاط الاقتصادي القائم على التكنولوجيا المتوافقة مع حاجات العصر.
إن الاهتمام ببناء الطاقة العاملة يتم من خلال التخطيط الرياضي المبني على أسس علمية والتوسع في وظائف الرياضة وتيسير النمو الاقتصادي. إن للرياضة أهدافاً اجتماعيةً إلى جانب أهدافِ التنمية الاقتصادية، إذ من صميم رسالتها الإسهام في بناء الإنسان الاجتماعي وتكوين شخصيته.
هذا غيض من فيض، وسيكون لقراء صحيفة مكة الإلكترونية في الأعداد القادمة إنشاء الله، مقالات تحليلية تناقش قضايا رياضية تُطرق لأول مرة بكل حيادية وموضوعية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال في غاية الروعة أشكر صحيفة مكة على انتقائها المقالات الصحفية بعناية فائقة.وأنا أريد أن أقول أنني أتابع كل المستجدات السعودية من خلال صحيفة مكة التي نكن لها كل التقدير والاحترام لصدقيتها وموضوعيتها.

  2. من خلال تتبعي للنتائج المحصل عليها في السعودية أعتقد أن المحصلة الرياضية التقنية ضعيفة لا تتناسب مع حجم بلد كالسعودية.وهذا يظهر أن السعودية لا تتوفر على استراتيجية رياضية واضحة المعالم.

  3. سعيد أن أقرأ مقالا غنيا وكاشفا للاستراتيجية الرياضية السعودية.

  4. الحمد لله أن الصحافة الالكترونية قربت المسافات بين الشعوب والدول.وصحيفة مكة تعتبر درة بين الصحف الالكترونية حيث تقدم لنا الامتاع والاقناع في مجالات السياسة والرياضة.فشكرا على القيمين عليها وبارك الله جهودكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى