الشريف البركاتي : نمت في السيارة فأصبحت مديراً للأحوال المدنية

(مكة) – حوار عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

تواصل صحيفة مكة الإلكترونية لقاءاتها الرمضانية ، والإلتقاء بعدد من الشخصيات المجتمعية الفاعلة لنستعيد معهم ذكريات الماضي وبداياتهم العملية في تلك الحقبة الزمنية الهامة .
ضيفنا اليوم الشريف حسين بن نصار البركاتي، نتعرف معه على بعض الجوانب من حياته العملية.

– في البدء نتعرف على ابن مكة المكرمة.
الشريف حسين بن نصار منصور البركاتي من مواليد سنة 1381 هـ من مواليد مدينة جدة نظراً لظروف عمل والدي في ذلك الوقت .

– في أي حارة كانت نشأتكم ؟
في وادي فاطمة بقرية أبي شعيب .

-أين تلقيتم تعليمكم؟
التحقت بالتعليم الابتدائي في قرية أبو شعيب عام 1386هـ وأتذكر من المعلمين الذين كانو يدرسون في تلك الفترة الأستاذ صامل البركاتي -رحمه الله- والأستاذ حجي البركاتي و الأستاذ بكر الجفري والأستاذ خليل بهادر رجل الأعمال المعروف الآن . أما المرحلة المتوسطة في السنة الأولى درست في مدرسة عتاب بن أُسيد في جبل الكعبة وأتذكر مديرها الأستاذ إبراهيم ركه- رحمه الله-ومن المدرسين الأستاذ صدقة براشي ومن ثم أكملت المرحلة المتوسطة بمحافظة الجموم ومن المدرسين أتذكر مدير المدرسة عبيد الثبيتي و الأستاذ عبد العزيز الثبيتي -رحمه الله – والأستاذ فاروق باتي والأستاذ صالح عليثه الردادي الحربي.. أما في المرحلة الثانوية فنحن الدفعة الأولى لثانوية محافظة الجموم التي تأسست عام 1397هـ ومديرها الأستاذ عبيد الثبيتي ومن المدرسين أتذكر الأستاذ مسعود القرشي و الأستاذ عدنان كنساره والأستاذ محمد محمود فلسطيني الجنسية والأستاذ محمد وليد عكام سوري الجنسية وغيرهم .

-ماذا بقي في الذاكرة من أحداث عشتم معها عراقة المكان ؟
التآلف بين سكان القرية ومساعدة بعضنا البعض في الفرح و الترح .

-في مرحلة الطفولة العديد من التطلعات المستقبلية.. ماذا كنتم تأملون حينها؟
أن اكون مسؤولا كبيرا في الخطوط الجوية السعودية .

-تربية الأبناء في السابق بنيت على قواعد صلبة ومتينة..ماهي الأصول المتعارف عليها في ذلك الوقت؟
الصدق واحترام الكبير وإكرام الضيف وغيرها من القيم الإنسانية .

-في تشكيل صفاتكم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد المكية في تكوينها ما أبرزها؟
الصبر و سعة البال والقدرة على التحمل ومساعدة أي إنسان في حاجة للمساعدة.
-الأمثال الشعبية القديمة لها أثر بالغ في النفس..ماهي الأمثال التي لازالت باقية في الذهن؟ ولماذا؟
بيت قد المراية ولا كل سنة هات كراية , ليجتهد الانسان بعمل منزل له حتى لو كان صغير أويجتهد في ذلك خيرٌ من الإيجار..لأن المثل يقول العمارة إمارة لو تسلم الخسارة.

-الحياة الوظيفية..أين كان لشخصكم القدير أول بداياتها وآخرها؟
التحقت بالعمل الوظيفي الحكومي بالأحوال المدينة بمكة المكرمة بالزاهر في 1401/6/11هـ بوظيفة كاتب ، و حاولت أن أكمل تعليمي للحصول على درجة البكالوريوس والتحقت بجامعة الملك عبد العزيز آنذاك وعند نهاية العام في أثناء عودتي إلى المنزل من الجامعة نمت وأنا أقود السيارة و الحمدلله ربنا ستر وبعدها لم أواصل تعليمي إلا أنني حصلت على عدة دورات منها :
تنمية المهارات الإشرافية من معهد الإدارة
دورة مهارات أداء العمل وتجويده..دورة في الإدارة الموقفية..حصول فرع الأحوال المدنية بمنطقة مكة المكرمة على جائزة مكة للتميز الإداري لعام 1432 هـ .
واخيراً دورة الانتاجية الشخصية الفعالة من مركز إبداع الأصيل للتدريب..ولقد تم تسليمي هذه الشهادة من قبل صاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل..علاوة أنني عضو في لجنة التنسيق المشتركة لخدمة الحجاج كوني مندوب الأحوال المدنية في هذه اللجنة من عام 1421 هـ حتى نهاية حج عام 1435 هـ..ولقدتشرفت بحصولي على نوط الحج للتميز بتقديم خدمات أثرت إيجابياً على الخطة العامة للحج عام 1422 هـ من سمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله..وكما ذكرت سابقاً أنني التحقت بالعمل بالأحوال المدنية بوظيفة كاتب تدرجت من رئيس قسم إلى مساعد المدير لشؤون الجنسية ومن ثم مساعد للمدير وأخيراً مديراً للأحوال المدنية.. حتى تقاعدت مبكراً في 1437/2/1هـ بعد خدمة ما يقارب 36 عام ولله الحمد.

-شهر رمضان و شهر الحج من المواسم الدينية والاجتماعية المميزة حدثنا عنها.
رمضان في مكة المكرمة وضواحيها له روحانية مميزة بالزيارات المتداولة وتبادل الأكل بين الجيران..أما فترة الحج تختلف عندما كنا أطفال كانت هنالك لعبة تسمى (القيس) كانو يخرجون النساء الشابات والكبيرات بالسن بالدفوف والطيران والآن انتهت وعندما توظفت ارتبطت بالعمل بالحج ما يقارب 15 سنة.

-تغيرت أدوار العمد في الوقت الحاضر وأصبحت محددة..كيف كان سابقا دور العمدة ؟
بالنسبة للقرى لدينا كان يوجد لدينا شيخ قبيلة..هو من يقوم بالإصلاح بين أفراد القرية، والاجتماع معه لأي ظرف ،وكان والدي رحمه الله الشريف نصار بن منصور البركاتي هو من يقوم بهذا الدور ،وفي الفترة الأخيرة أصبح لدينا عمدة رسمي من أبناء القرية والحمد لله .
-القامات الاجتماعية من تتذكرون منها والتي كان لها الحضور الملفت في الحارة ؟
والدي الشريف نصار رحمه الله وعمي الشريف زيد البركاتي رحمه الله وغيرهم .

-هل تتذكرون موقف شخصي مؤثر حصل لكم ولا تنسوه؟
وفاة والدتي قبل 7 سنوات رحمها الله .
-المدرسة والمعلم والطالب ثلاثي مرتبط بالعديد من المواقف المختلفة..هل تعرفونا علي بعض منها؟
كان المعلم قديماً يعتبر أب وأتذكر عندما كنت في المرحلة المتوسطة والثانوية كان يُطلب مني المعلمين لإعداد المسرح والتمثيليات الهادفة نهاية العام الدراسي وكانت المدارس تعتبر خلية نحل وإن شاء الله الخير والبركة في هذا الجيل من معلمين وطلبة .
-كثرت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر وأصبحت مرافقة مع الناس في كل مكان.. ماهي الوسائل المتوفرة لديكم في السابق؟ وما أثرها على أفراد المجتمع آنذاك ؟
كان الراديو(المذياع) هو الوسيلة الوحيدة وكون والدي متعلم رحمه الله تعالى..وكان يسافر في السبعينات الهجري والثمانينات الهجري إلى مصر ويحضر لنا عدد من المجلات منها :
آخر ساعة..
الكواكب التي تعني بالنجوم
ومجلة المنهل الشهرية لعبد القدوس الأنصاري..وكذلك مجلة هنا لندن..نتصفح
ونقرأ انا وأخواني وأخواتي و نما لدينا حُب القرأءة والاطلاع منذ ذلك الوقت .
-تظل للأ فراح وقفات جميلة لاتنسى في الحي.. ماذا تتذكرون من تلك اللحظات السعيدة ؟ وكيف كانت ؟
الأفراح في القرى كانت بالتعاون بين أهل القرية وكل واحد يقوم بترتيب منزله لاستقبال بعض من الضيوف.. أما الآن فأصبحت قصورالأفراح والصالات بكثرة.

– الأحزان في الحياة سنة ماضية..كيف كان لأهل الحي التخفيف من وقعها ؟
الحزن من سنُة الحياة في موت قريب أو أخ أو أب إلا أنه حتى وقتنا الراهن يقوم أهل القرية بالتعاون في حالة الوفاة بالمواساة وإعداد الطعام دون تكلفة أهل الميت.

-الأحداث التأريخية الشهيرة في حياتكم والتي عايشتها..هل تتذكروها..وما الأبرز من تفاصيلها؟
أول حرب شاهدتها في التلفاز حرب اكتوبر بين مصر وإسرائيل وبعدها تسلسلت الأحداث حرب لبنان و اجتياح الكويت وحرب العراق ولازال هذا المسلسل الدموي مستمر لله المشتكى .
-ماهي الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها وادي فاطمة ؟
لعبة الزير والسمسمية والكسرات والمزمار.
-لو كان الفقر رجلا لقتلته مقولة عظيمة لسيدنا علي رضي الله عنه..هل تروون بعضا من قصص الفقر المؤلمة ؟
نحمدالله ونشكره على هذه النعمة والفضل في بلدنا ولكن عندما أشاهد بعض المجاعات في اليمن والصومال وبعض الدول الإسلامية أشعر بالأسى والحزن .

– ماذا تودون قوله لسكان الحارة القديمة؟
الله يرحم الأموات منهم ويطرح البركة في الأحياء ويوفق الجميع .
-رسالة لأهالي الأحياء الجديدة..وماذا يعجبكم الآن فيهم؟
عليهم أن يحمدوا الله ويشكروه على ما سُخر لهم من مدارس حديثة .. وطرق ووسائل تواصل اجتماعيةحديثة، وتعجبني ثقافتهم في وسائل التواصل في الفيس بوك وتويتر وغيرها .
-كيف تقضون أوقات فراغكم في الوقت الحالي؟
في القراءة و تخصيص يوم في الأسبوع مع الزُملاء وبعض الأحيان أمارس الرياضة .
-لوعادت بكم الأيام ماذا تتمنون ؟
عودة بساتين وادي فاطمة وعيون الماء..!
-بصراحة..مالذي يبكيكم في الوقت الحاضر ؟
منظر كبار السن و الأطفال في الحروب الدامية في سوريا و العراق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
-ماذا تحملون من طرف جميلة في دواخلكم؟
أحد المراجعين قديماً قبل صدور بطاقات الأحوال وقبل الحاسب الآلي..أيضاُ طلبت منه صورة شمسية لإنهاء معاملته وقال لا يوجد لدي.. ولكن أخلع التي في دفتر الحفيظة وخذها..! وفهمته بأن هذه الصورة مهمة ولا يجيز النظام نزعها واقتنع وأحضر في اليوم التالي صورة شمسية.

-لمن تقولون لن ننساكم؟
أولاً :لوالدي رحمهما الله.
ثانياً:لكل صاحب فضل علي في الحياة.
– ولمن تقولون ماكان العشم منكم ؟
لكل شخص أخذ مني موقف دون أن يخبرني..!!.
-التسامح والعفو من الصفات الإنسانية الراقية.. تقولون لمن سامحونا..وتقل لمن سامحناكم؟
أقول سامحني لكل شخص ولكل زميل تعاملت معه في حياتي إن شعر أنني أخطأت بحقه..وأنا مسامح لجميع من أخطأفي حقي سواءً بقصد أو بدون قصد.
– كلمة أخيرة في ختام لقاء ابن مكة الماتع.
الله يديم علينا الأمن، والإيمان ،والصحة في الأبدان، وأكرر شكري للأستاذ عبد الرحمن الاحمدي واعتذر للإطالة.