مجموعة "تشافيت"

كلمات إلى من صدمه الأمر

 

إلى من صدمه الخبر ،وفجعه وقوع الأمر!
إلى من أهتز ثباته،وأنهالت دموعه دون توقف !
إلى من فقد طعم الحياة فجأة إلى من رفض تصديق المرض!
إلى من انهارت قواه فسقط على الأرض مغشيآ عليه ،وأحس أن الدنيا هنا انتهت!
إلى من خذلته مناعته!
وشبابه وقوته!
حين أخبره الطبيب!
أنه مصاب (بمرض السرطان)
أصبح حزينآ،وحيدآ،منطويآ،في مسرحية الحياة المزيفة،
أي ضيف هذا الذي أتى دون استئذان؟
ذلك الضيف الذي تراود اسمه على مسامعه منذ طفولته،حيث ترجم عقله هذا الاسم المرضي بأنه مرض النهايه،
ذلك المرض الذي لا يعلم عنه سوى أنه يجلب الموت مبكرآ،
ولايعلم أمرآ أهم وهو
إكتشاف مرض السرطان ،لايعرف بالأجهزه إلا وكونه قد مكث سنين بجسده،
في غالب الأحوال ، وكان لا يعلم بوجوده ويعيش حياته على أكمل وجه! فلماذا عندما إكتشفه لم يقاومه وأحس الموت قد حان؟
عاد إلى المنزل ،وأحس أن الدنيا بأسرها لاتتسع له،لا يستطيع تركيب الجمل ولا حتى ترتيب تلك الافكار،
وبدأت تيارات الوساوس الشيطانيه تلف به، والأسهم السلبيه تضرب حدتها بداخله،
ولأول مره يحس بهذا التشتت،
والحزن والألم ،
وكأنه نسى وجود الله؟
وبدأ يفكر!
أي معلومه طبيه تقف أمام قدرة الله؟
أي توقعات بشرية تفوق علم الله؟
أي دراسات وبحوث علمية تعاكس قدر وما كتب الله؟
أي أجهزه دقيقه قد تعارض أمر الله؟
إذ أن الشي الوحيد المقر به،
هو(لا أحد يعلم بنهايه أحد )
ولو اجتمعوا كل من على الأرض لن يعلمون ما في غيبيه الله من موت أو حياه،
مهما بلغ علمهم وتطورت تقنياتهم،
هنا ردد :الحمد لله أن كل شي بيده وحده،
فالله يظل فوق الجميع!
فهل أحزن على شيء قد اختاره لي الله؟
وأنا اعلم تمام أن صحتي ، وجسدي ،وأعضائي ،وحتى النفس الذي أتنفسه ملك لله،
فهو من خلق كل خليه بي ومن حقه أن يأخذها،
أنا خلقت فقط لأعبده وأحمده وأشكره،
وكل شي يحصل لي أعلم أنه لحكمه يعلمها الرحيم، الذي استشعر رحمته دائما لي في كل أموري ،
هل يصيبني اليأس خوفآ أن أفقد حياتي؟ولكن إن فقدتها فلمن سأرحل ؟
سأرحل لمن خلقني ،لمن هو أرحم لي من أمي وأبي،سأرحل للوعد الذي قطع لي من ولادتي مسلما،لجنان الخلد والنعيم ،للشيء الذي يسعى له كل مسلم موحد !
وأنا على يقين تام أن لا شي يحدث للانسان ،إلا وقد منحه الله القدرة على تحمله ،فهذا مفهوم عميق وأكيد لقوله تعالى(لا يكلف الله نفسآ الا وسعها)
وأن كان حزني خوفا من اقتراب الموت
فما يحزنني؟
هل حزني على دنيا لاتساوي عند الله جناح بعوضة؟
دنيا تركها النبي أطهر خلق الله غير اسف !
دنيا رحل منها الشهداء بعد معاناة
ومعارك وهم يبتسمون لما نظروا له في الأخرة،
دنيا رحل منها الصابرون والمحتسبون بكل نفس راضيه!
دنيا خلق الله كل من فيها في كبد ومشقه وعناء!
هنا أيقنت أني
إن فقدت فما فقدت الله،
وإن رحل شي مني فما رحل إيماني وصبري.
هنا في هذه اللحظه أقر هذا الانسان
أن ما أصابه لم يكن سوى اختبار يجيب عليه طالما يتنفس أن يقاومه ويجتازه!
هنا نقطه البدايه،
بداية الشجاعة والقوة،
بداية مرحلة تملؤها المغامرات ،
بداية معركة طاهرة تغلبها الابتسامة ونفس راضية هادئة
هنا نقطة الإلهام ،هنا نقطة التحول للأفضل،
هنا معنى الارادة والعزم والثقه بالله،
هنا الدخول ضمن قائمة من يوفون أجورهم بغير حساب!
نعم إنهم الصابرون!
هنا الصبر يتصدر البند الاول للفوز في هذه المعركة!
نهض من مكانه بعد أن فهم
الرسالة جيدآ وهو يبتسم !
توضأ، وأرسل الدعوات للرب وحده!
ياربي أنا عبدك المؤمن بقضائك
وقدرك ،وما اخترته لي فهو الخيرة من عندك،فربما هذا المرض قد صرف عني أمورا أسوأ منه قد أجهلها،
قد تكون أشد وقوعا علي،
(يارب إن كتبت لي الحياة فاشفني وارضى عني ،وإن كتبت لي الموت فلقاؤك أجمل ماتريده عيناي،
ويرضيني أن هذا المرض قد يكفر سيئات اقترفتها بقصد أو بدون قصد ،اللهم أنت لا سواك)
وأكمل دعوات في سره ثم أطال سجوده حتى أزيح كل همه،
وبدأ جلساته الكيماوية في وقتها المحدد،
لازال بريق الأمل يلوح له،
يدعوه للتفاؤل ،
ولازالت تلك الابتسامه ترسم على شفتيه ،
وأقسم أن يقاوم وأن لا يغلبه شيئآ حتى هذا المرض،
أما بالنسبه للألم ،
فهو يحتسبه عند الله كيف لا وهو في دين
حتى الشوكة إن ألمته فهو يؤجر عليها!
فقد قال: رسول الله (مايصيب المؤمن من نصب ولاوصب ولاهم ولاحزن ولا أذى ولاغم حتى الشوكه يشاكها ألا كفر الله بها من خطاياه)
فكيف بهذا الألم؟
يطمئن نفسه ويردد إن كل هذا مسأله وقت فقط،
تجاهل كل رسائل من حوله السلبيه ،
ولم يلقي لها بالآ،
رفض بشده نظرتهم بشفقة أوعاطفة عندما تساقط شعره،
وأخذ يردد على مسامعهم : إن فقدت خصلات شعري فلم أفقد تفكيري وعقلي،
إن فقدت مناعتي ،فلم أفقد شرايني وعروق دمي،
إن فقدت إشراقه وجهي فلم أفقد ابتسامتي ،إن فقدت شيئا فلايزال الكثير الكثير بحوزتي،
كانت هذه الأجوبة لكل ما يدور في ذهنه!
مقاومته أسطورية!
شجاعته ملهمة!
قوته عجيبة!
كلماته مؤثرة !
إرادته اختراقيه!
عزيمته احترافيه!
متعايش مع السرطان بكل أريحيه،

معركته معه مسالمة هادئة،الكل تعجب منه حتى السرطان بذاته !
وكأن السرطان يقول :
لم أرى مثل هذا المحارب من قبل !
أخجلتني قوته وعزمه وإيمانه وتفرده وتميزه
لم ينحني هذا المحارب يوما !
يتأمل كل الأمل أن ينتصر!
ويرفض الهزيمه ويقابلها بالمقاومه يوما تلو يوم،
وإن أنهكت قواه يوما ،يعود لسجادته لستمد منها قوه أعظم مماكان بحوزته،!
يقاوم ليس حب لحياة في دنيا زائلة ولكن لا يرغب أن يهزم ،
في كل يوم تفتح عيناه ليرى ضوء الحياة ،يتنفس بعمق ويردد، لا تفتح عيناي لحزن وألم ،تفتح عيناي لسعادة وأمل ..
ويبدأ في كل يوم تكمله منافسته بكل قلب راضي،يحاول أن يساعد غيره،يبعث رسائل لم تصله إلا بعد هذا المرض،
ولكن ماهو محتوى أهم رساله وصلت اليه؟
رساله تعلوها عدة أسئلة !
لماذا أنا من ابتلاه الله ؟
ولماذا خبئت لي الأيام هذا المرض؟
ولكن لكونه لبيب فهم معناها، وأدرك محتواها،
ورتب هذه الجمل
الأفضل هو من يختبره الله!
والأشجع من يرضى بذلك!
والأقوى من يتحمل ويصبر!
والفائز هو من ينتصر !
والفوز في هذه المعركه تنص على هذا
(الفوز في المعركه السرطانيه ليست تتمثل في الشفاء منه فقط وأن يحيا حياة بدونه!
الفوز في المعركة هو أن تعيش وتتعايش مع السرطان ،بكل رضا ومسالمة ،أن تعيش بابتسامة وقناعة،إن تعيش بتفاؤل وأمل)
الفوز هو المداومة على جلساته ،
وتحمل الآمه،
الفوز هو الوقوف بعد كل لحظه ألم بكل أمل،
الفوز هو تعلم الصبر وتطبيقه وإتقانه،
الفوز هو حينما يتوقعون انكساره، يصدمون بقوته!
الفوز هو حينما يتوقعون يأسه ،يتعجبون من أمله وتأمله،
الفوز هو حينما يتوقعون حزنه ،يرونه في منتهى سعادته،
الفوز هو أن يعلم ويخبرهم أن لا شفقة عليه !
الشفقه على من فقد دينه وليست عافيته!
الشفقه الحقيقه هي من أعطاه الله كامل العافية، وطغى وسعى في الأرض فسادا!
الشفقه على من نسى أن يشكر الله ويحمده على هذه العافية الشفقه ليست على من ابتلى بمرض أو عجز في جسده ،
الشفقه الحقيقه على من ابتلى في قلبه ودينه!
واليوم هو فهم الرساله جيدا وأراد توجيهها لمن بهم نفس مرضه !
ياأصحاب الهمم ،
يادروس يتعلم منها الجميع !
يا أجسادآ تحارب شيئا غير معروف!
أي قوة نحن نمتلكها؟
عندما نقف يدا بيد
نقوي بعضآ بعضآ،
ننشرثقافه هذا المرض ،
ندرس الآخرين معنى التفاؤل والأمل ،ونكرر السرطان
ان أفقدنا شعر رؤسنا،
فهو لم يفقدنا مشاعرنا،
وان أفقدنا أحد أعضاءنا فلم نفقد جميعها،
اليوم نحن من أصبنا بمرض السرطان لا نصنف تحت مسمى مرضى
بل نصنف تحت مسمى
(محاربين منتصرين) !
ففي حياتنا انتصار لكوننا نحمل هذه العزيمة والاصرار،
وفي موتنا انتصارا كوننا خلفنا بصمة ستعول علينا بالدعاء والرحمة، وكفرت سيئاتنا نتيجة تحمل المرض،
نحن نعلم أن الاختبار صعب ،ولكن لا صعب علينا،
كيف لا وجميعا ناجحون !
فمن شفي منا فسيتذكر أجمل قصه تحدي اجتازها،
ومن رحل فانه سابقنا لجنات ونعيم باْذن الله،
نحن مرضى السرطان لا ننظر شيئا من العالم ،
بل العالم ينتظر منا أشياء وأشياء،
العالم ينتظر
أن نخبره عن أي قوة نحملها!
وأي اصرار نتحدث عنه!
وعن أي أثر واضح قد وضعناه!
العالم بحاجه الى أن يتعلم منا كيفية المقاومة!
وأن يطلب منا شعاع الإلهام!
فنحن ضوء القمر، وشعاع الشمس
نحن السفن ، نحن مدارات الفلك
نحن من استصعبتم علاجنا
،نحن العلاج الجراحي، و الكيماوي والإشعاعي، والمناعي،
والأجسام المضاده وحيده النسل!!!
نحن
مرضى السرطان من نلهم العالم بأسره !
واخيرا
اختارني الله ،
اختارني المرض ،
اختارتني الأسره البيضاء،
اختارتني مواعيد المستشفيات،
وأخترت أنا
أن ابتسم!
وأتعايش مع كل هذه الأحداث بكل صبر واحتساب ويقين بأن الله معي !
وأنا لازلت أتنفس ،
إذا يعني أني لا زلت أعيش،
إذ يجيب علي أن أتعايش ،
بكل سعادة وهدوء وسلام
وما دمت أتنفس فسأشهق بالعزيمة،والإرادة ،والمقاومة،
وأزفر بالهمة، والقوة، والسعادة،
لأكون مصدر الإلهام في هذا العالم

 


مقالات ذات صلة

‫12 تعليقات

  1. رائع ماكتبتيه هنيئاً لمرضى السرطان بعزيمتهم القوية التي تقف امام هذا المرض شفاهم الله منه

  2. كلمات عظيمة !!! كلمات من مر بالمعاناة وعاشها ! بعيد الشر عنك ، ابدعتي ????

  3. سلمت الانامل كلام جميل لامس احساسي
    كلام يبعث الطمأنينة في القلب ويرسم الامل في الحياة ويقوي العزيمة
    بوركتي اخيتي واظبي …..

  4. ماشاءالله تبااااااارك الله ، الله يجعل ايديك للجنه بسمالله عليك واسسسستمرررري جعلني افداك♥️♥️♥️♥️♥️

  5. حين نشير إلى الشجاعة فنحن نشير إلى مريض السرطان
    ما رأيت قوة كقوته حين يستشعر الحياة و ينظر للمستقبل بكل تفاؤل رغم ما به من ألم !
    سلمت أناملك سعاد كلمات تبث روح الأمل فيهم كان الله في عونهم و ألبسهم السعادة و العافية و جعل ما يمرون به رحمة و مغفرة ♥️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى