
(مكة) – مكة المكرمة
ألقى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب اليوم محاضرة بعنوان: الأمن الفكري وأهميته في حفظ اللحمة والأمن الوطني, وذلك ضمن فعاليات برنامج قيم المواطنة الذي أطلقته الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والتي جاءت تزامناً مع اليوم الوطني 87 لتأسيس هذه البلاد المباركة.
وقال فضيلته: نحن بحاجة في مثل هذه الأيام للحديث عن المواضيع حينما تعصف الفتن التي قد تخطف بعض الشباب، ونخص الشباب دائماً بالحديث لأنهم هم الأقل خبرة والأقل علماً والأكثر حماساً واندفاعاً لكثير من الأمور، فلذلك تجد أنهم دائما هم المستهدفون بالشبهة، ولاشك أنكم تعلمون أن الأمن في الأوطان والاستقرار في الديار مطلب كل حي.
وأضاف الدكتور آل طالب: وقد امتن الله عز وجل على عباده في أكثر من آية بالجمع بين الأمن وبين والطعام وهو قوام الجسد وبه حياة الإنسان فقال الله عز وجل: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، وقال أيضاً: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) فالأمن ضد الخوف وهو حالة نفسية وحقيقة يتطلبها الإنسان ولا يستقر عيشه إلا بها.
وأشار إلى أن الوطن عُرف أنه مكان إقامة الإنسان ومسكنه والأرض التي اتخذها محلاً ومسكنناً يقيم فيه، وبمفهوم الحديث (قيل الوطن هو البلد الذي تسكنه أمةً ويشعر المرء بارتباطه به وانتمائه إليه).
وذكر فضيلته أن من أعظم مكتسباتنا نعمة الاجتماع والائتلاف وقد أمرنا الله عز وجل بها وامتنّ بها علينا قال تعالى: (إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)، فمع التفرق لايمكن التمتع بأي أمن، وقد رأينا ولم نزل نرى دياراً شاسعة تجري الأنهار فوقها وتستخرج الكنوز من أرضها ما زادتهم الأيام إلا فقراً ولا الليالي إلا ذعراً حتى هجروا بلادهم وفضلوا العيش في غير بلادهم لينشدوا الأمن والسكون عافاهم الله وكشف بلواهم.
وأبان آل طالب أن هذه النعم لابد من المحافظة عليها بأسبابها قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)، وفي التعريفات الحديثة لمفهوم الأمن الوطني لدى الدول والحكومات هو توفير الحماية للمواطنين والأفراد الموجودين على أراضي الدولة، ويُعرَّفُ أيضاً أن استخدام الوسائل الأمنية للمحافظة على سير الحياة اليومية بشكل صحيح وبعيداً عن وقوع أية أزمات تؤدي إلى التسبب بضررٍ بمكونات المجتمع البشرية والمادية.
وأكد فضيلته أن الأمن الوطني له أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، وأبعاد فكرية تندرج فيها الأبعاد الدينية فلابد أن تقوم الدول بالمحافظة على كل هذه الأبعاد لأجل الحفاظ على الأمن الوطني داخلياً وخارجياً، ولقد عني الإسلام بالأمن الفكري عناية بالغة وجعله ضرورةً من الضرورات لأمن الفرد والأسرة والمجتمع والأمة بل للإنسانية جميعاً ليتمكنوا من عمارة الأرض كما أراد الله منهم، وذلك لأن الشريعة الإسلامية جاءت بحفظ الضرورات الخمس وهي: النفس, والعقل, والعرض, والدين, والمال، ومن أشمل التعريفات للأمن الفكري أن سلامة فكر الإنسان من الانحراف أو الخروج عن الوسطية والاعتدال في فهم الأمور الدينية والسياسية والاجتماعية.








