
لطالما أحبّ الكتابة في الخفاء؛ يرتب الكلمات على هواه، ويخبئها لنفسه كلؤلؤة في أدراج ذاكرته؛ لكن إعلانا ما شجعه على الكتابة للناس، فكانت الجنادرية هدفه الأول وكانت البداية ليرى الناس موهبته الفنية.
إنها قصة شاعر الجنادرية في نسختها الخامسة عشرة، الشاعر عبيد الدبيسي، والذي تحاوره صحيفة “مكة” الإلكترونية، على هامش فعاليات المهرجان بنسخته الثالثة والثلاثين، للتعرف على الأجواء التي يتم فيها تأليف واختيار الأوبريت بين عشرات الشعراء الذين يتنافسون ليحظوا بهذا الشرف.
وقال الدبيسي، “كانت ذكرى جميلة لا تنسى، وكانت الانطلاقة الحقيقية لاسمي كشاعر، وبدأت عندما شاركت في الجنادرية 15 من خلال مسابقة شارك فيها ما يزيد عن 80 شاعرا؛ لكنني كنت الأوفر حظا من بين الكثير من الشعراء ذائعي الصيت”.
وأضاف “لقد كانت المفاجأة الأكبر من فوزي بالأوبريت، هي اتصال الأمير متعب بن عبدالله ليهنئني بأن أوبريتي فاز بالجنادرية، فكان انتصارا للشعر ومنتهى العدل أن يتم اختيار كلماتي من بين أسماء كبيرة”.
وتابع “كنت أعتبر نفسي أمثل كل الشعراء الذين شاركوا معي في هذه المسابقة، وذلك على الرغم من أن كثيرا من الإعلاميين كانوا يستغلون هذه الفرصة ليطلبوا مني أن أهاجم زملائي الشعراء، ولكنني حافظت على ود الجميع وأعتبر هذا النجاح لهم أيضًا”.
واسترسل “مما زاد سعادتي، أنني لم أكن شاعرا معروفًا في المملكة؛ ولم أكن أتخيل أنه يمكن اختياري لأحظى بالكتابة للجنادرية”.
- كيف جاءت إليك فكرة كتابة الأوبريت وكم استغرقت من الوقت؟
فكرة الأوبريت جاءتني، عندما قرأت خبرا عن مسابقة لكتابة أوبريت الجنادرية، وفي الحقيقة بادئ الأمر لم ألقِ بالا لذلك الإعلان ولم أفكر في الكتابة للجنادرية، لكن بعد فترة قرأت الإعلان مجددا وحينها قررت البدء في الكتابة.
وساعدني كثيرا على كتابة أوبريت الجنادرية، أن لدي معرفة في الإيقاعات, وفي كلامي وظفت جميع إيقاعات مناطق المملكة، لكل منطقة إيقاع خاص بها، ومن هنا تميز الأوبريت ولله الحمد.
واستغرقت عملية الكتابة حوالي 15 يومًا ومثلها لمراجعة الأوبريت ومقاماته الموسيقية، وكما قلت مما ساعدني على ذلك، أنني محترف في كتابة الأوبريتات، وليس غرورا أقول أنا أفضل من يكتب الأوبريت في الخليج العربي مع الاحترام لجميع الشعراء، نظرا إلى تمكني من أدواتي وخلفيتي عن الإيقاعات والمقامات وأفصل الأوبريت بشكل فني، وأوجز الموضوع ولدي خلفية غنائية جيدة.
– من هم أبرز الشعراء المنافسين لك في ذلك الوقت؟
كل الشعراء الذين شاركوا في الكتابة والمنافسة بالجنادرية أسماء كبيرة، وتتنافس لخدمة الوطن وتتمنى أن تنال شرف كتابة الجنادرية.
– كيف ترى كتابة الأوبريت خلال السنوات الأخيرة ونسخة هذا العام؟
كل من كتبوا للجنادرية كان مبدعين، وكل شاعر له خصوصيته وكل شاعر له ظروفه، ومن أبرزهم الأمير خالد الفيصل وبدر عبدالمحسن، وأسماء كبيرة كتبت الجنادرية، وأنا أتمنى العودة لكتابة الجنادرية من جديد وأطرح الأوبريت برؤية جديدة، مختلفة جدا عن كل ما سبق، وأملي أن يحقق الله لي أمنية كتابة الجنادرية مرة أخرى.
ولا شك في أن تولي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزارة الحرس الوطني، ستكون مميزة وملهمة، لأنه خير خلف لخير سلف، قيادة شابة واعية متفتحة، ستضيف الكثير للجنادرية والحرس الوطني، برؤية جديدة وأشياء كثيرة من المتوقع أن تحدث على يديه من ناحية التنظيم والمشاركين.
– ما هي المعايير التي توفرت لديك لتكون أفضل من يكتب الأوبريت وما هي أبرز أعمالك في هذا الحقل؟
الكتابة للأوبريت ليست أمرا سهلا، يجب أن يكون لديك تصورا عن كل حيثيات الأوبريت والتصوير التلفزيوني وحركة الراقصين في المسرح والكلمات التي يتم اختيارها يجب أن تلامس المعنى ويكون لديها خلفية تاريخية وثقافية عن المملكة والجنادرية.
أبرز ما كتبته، كان أوبريت الجنادرية، وأوبريت عن تحرير الكويت، وأوبريت غناه خالد عبدالرحمن عن المدينة المنورة، يجب أن يكون الكاتب لديه خلفية ثقافية كبيرة وتجربة في الشعر ولديه معرفة بالأغاني بالإضافة إلى ثقافة عن الموضوع الذي تكتب فيه، ومعرفة بالمذهب والكوبليه والمرجع الكبير والصغير، والأهم من ذلك الموهبة الشعرية واختيار كلمات سهلة وسلسلة لجميع طبقات المجتمع.
أنا أكتب الشعر المقفى وشعر التفعيلة وأحفظ الكثير من الإيقاعات وأستطيع الكتابة على جميع الإيقاعات مهما كانت، والحمدلله نجحت في الأوبريت وكان من أفضلها بشهادة الفنان طلال مداح، حيث قال إن هذا من أجمل ما غنيته.
- ما رأيك باللفتة المميزة في الجنادرية 33 وتكريم مزعل فرحان؟
في الحقيقة، مشاركة مزعل فرحان كانت لفتة كريمة وجميلة من المشرفين على المهرجان، الفنان شعبي وله جماهيرية كبيرة وصوت أصيل محبوب، ويا ليت يكون في كل أوبريت لفتة لفنان شعبي جميل ولجماهيره، فهي فرصة يتمناها كل شخص.
ومن هذا المنبر، أدعو إلى تكريم كل من كتب للجنادرية في كل مهرجان، من بينهم الأستاذ جابر القرني، لما يقدمه من خلف الكواليس لأوبريت الجنادرية، والأستاذ سعود الرومي المشرف العام على المهرجان، أتمنى تكريم كل شخص له جهد في هذا الكيان الحضاري الكبير، ونتمنى أن نحظى بالتكريم من سمو الأمير عبدالله بن بندر.
- كيف أصبحت مسيرة الدبيسي بعد أوبريت الجنادرية؟
الجنادرية فتحت لي آفاقا كبيرة، حيث شاركت في مهرجانات كبيرة في الإمارات والأردن ومصر، فمنها نلت الشهرة والمعرفة، وكنت أمارس الشعر كهواية ولم أدفع ضريبة الشهرة، كما أنني انتقائي في حضوري، ولا أبحث عن الشهرة، المهم أنني أكتب عن الوطن وللوطن.
وما يهمني أن أكون متواجدا وأحيانا يكون الغياب حضورا، فالغياب المقنن أفضل من الحضور الذي يحرق وجودك، وأتمنى أن أكتب للوطن ما حييت، فهو خير ما نملك وينبغي أن تكون قلوبنا وعيوننا عليه.






بارك الله وطنيتك ووفقك وسدد خطاك