المقالات

مفاتح الغيب الخمسة

ومضات الوهج
الومضة ١٢

سورة لقمان سورة جميلة، عامرة بالتنبيه على قدرة الله، وجاء فيها ذكر وصايا لقمان الحكيم لابنه ،ثم عادت الآيات تصف قدرات الله اللامحدودة ونعمه الكثيرة و كلماته التي لاتنفد ، وختم السورة بالدعوة إلى تقوى الله و خشيته والاستعداد ليوم البعث بعيدا عن الحياة الدنيا وإغراءاتها، ثم في الآية الأخيرة يقول تعالى (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي الأرحام وماتدري نفس مادا تكسب غدا وماتدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)

..
في هذه الآية مفاتح الغيب الخمسة كما وردت في السنة، وروي أنه جاء رجل من البادية وسأل رسول الله :(إن امرأتي حبلى فأخبرني ماذا تلد، وأرضنا مجدبة فأخبرني متى ينزل الغيث، وعلمت متى ولدت فأخبرني متى أموت) فأنزل الله الآية، ويقال أن هذه هي مفاتح الغيب الخمسة التي استأثر الله بها فلم يخبر بها أحدا ولا حتى نبيا مرسلا أو ملكا مقربا.

وعلم الله لايقتصر على هذه الخمسة فهو علم مطلق يشمل كل شيء، لكن المقصود أنه لم يعلمها أحدا من خلقه، حتى جبريل و الملائكة لايعلمون موعد قيام الساعة، والغيث ينزله الله وحتى موعد نزوله مجهول إلى أن يأذن لملائكته الموكلين بإنزاله فيعلمون حينها ، ومافي داخل الأرحام من ذكر أو أنثى يعلمه الله تعالى والغيب لايعلمه إلا الله فمن يدعي علم الغيب إنما يكذب ويفتري، والأرض التي ستطوي جسدك مجهولة إلى حين وفاتك وفي الحديث فيما معناه أن الله إذا أراد قبض روح عبده في مكان جعل له فيه حاجة.

قد يتشدق فراعين هذا العصر بأن الإنسان توصل لمعرفة موعد نزول الغيث والجواب بسيط بأن هذا العلم هو في آخر مراحل أمر الله بإنزاله حيث يصدرون معلومة نزوله وفقا لرؤية السحاب المثقل بالمطر وأحوال الجو الظاهرة وليس هم من يصنعون المطر ولايعلمون إشارة البدء، بتكوين سحبه فهذا علم الله ، وقد تشير كل المؤشرات إلى نزول المطر و لاينزل وقد تشير تقارير الأرصاد إلى جدب وقحط ثم بصلاة استسقاء واحدة يسوق الله سحابا لايعلم مصدره فيغاث الناس وتنتشي الأرض.

وقد يتشدق آخر بأن الأجهزة الآن تكشف عن نوع الجنين في رحم أمه بل هناك دراسات للتحكم في نوع الجنين بالتحكم في كروموسات x و y، وأرد عليهم بأن الكشف عن نوع الجنين إنما يأتي بعد تكونه فعلا فهذا ليس علما بنوعه قبل حدوثه بل مجرد معرفة النوع بعد التكوين والوجود، و كثيرا مايحدث خطأ ويقال المولود ذكر ويكون بعدها بنتا و العكس، والتحكم في نوع الجنين حتى لو حدث فهو أيضا بإذن الله و رخصته فهو من يسمح بذلك وقد قدر ذلك من قبل وقد يجتهد العلماء ويحاولون جعل المولود ذكرا وبعد كل شيء تولد بنتا وقد حدث ذلك بالفعل في تجاربهم والعلماء يشهدون عليه.

و أولئك الذين يدعون علم الغيب بالرمل و القواقع والفنجان والشعوذة والأبراج والجن كلهم كاذبون، فهذا علم الله وحده لايعلمه سواه حتى مقاعد السمع اغلقت أمام مسامع الجن فيلقون شهابا رصدا.

وقد تعيش سبعين عاما في أرض لاتخرج منها ويوم وفاتك تسافر إلى أرض أخرى لأن الله قدر عليك أن تدفن هناك.
فلنعلم حدودنا كبشر، بعض الناس تفتتن بتطور العلم و يظنون أنه قد تخطى كل الحدود، لكن علم الله لايقترب من أسواره أحد ولا يجرؤ مهما بلغ علمه، وكل ماوصل اليه العلم إلى الآن إنما هو اكتشاف لقدرات الله وطرق تنظيمه للكون وحتى الاختراعات و الإبداعات كلها بإذن الله وعونه وفي المجال الذي سمح به الله للبشر أن يصلوا إليه وصدق الله (وفوق كل ذي علم عليم).
سبحان الله العليم الخبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى