عبدالرزاق سليمان العوفي

فيضان يهدد المجتمع

الإنذار من الجميع للجميع، فيضان يكاد يفتك بالكثير،
لا حل سوى سرعة الاستجابة، وتكاتف الجميع من أفراد ومختصين وإدارات.
ليس الأمر بشيء من السهولة، وهو في غاية التعقيد والصعوبة.. حلوله كثيرة، والمساهمة فيها واجب فردي ومجتمعي ومؤسسي.
تفشي ظاهرة الطلاق وانتشارها بين الناس والمجتمعات توحي بكثير من المشكلات والقضايا والجلسات في المحاكم والأطفال المتعلقين بين بقاء في كنف الأب وابتعاد عن أحضان الأم وحنانها .. أو تفضيل نبع الحنان وفقدان الأب المربي والقدوة والهيبة والتوجيه.
في إحصائيات نشرت في بعض الصحف في ستين يومًا بشأن استخراج أكثر من عشرة آلاف صك طلاق .. وفي شهر شوال الماضي تم استخراج صكوك الطلاق بمعدل يزيد على مائة وأربعين قضية في اليوم الواحد.

ينتج عن القضية الواحدة امرأة مطلقة وأطفال فقدوا بيتهم الذي ينعمون فيه ورجل سيلجأ للبحث عن محاولة أخرى ربما تفشل أيضًا.
الظاهرة تتطلب وقفة جادة من جميع أصحاب الرأي والمسؤولين ذوي العلاقة المباشرة وغير المباشرة؛ لتوعية المجتمع بأخطار الطلاق وما يترتب عليه.

لا يمكن القول إن جميع حالات الطلاق المذكورة في النشرات وصلت إلى نفق مظلم لا يمكن الخروج منه إلا بالطلاق، لكن قلة الوعي والانحدار في بعض المفاهيم وسرعة التصرف وعنفوان ردود الأفعال، وعدم الإلمام بالمسؤولية الواجبة على كل من الزوجين كل ذلك وغيره أسباب أدت إلى تفشي تلك الظاهرة وانتشارها.

قليل من تلك الحالات الطلاق فيها هو القرار الصائب، وربما متفق عليه من قبل الطرفين فالحياة لا يمكنها الاستمرار ولا يصلح لها البقاء فحينها الانفصال يعتبر حلًا جذريًا محتومًا.
الزواج بناء أسرة وتأسيس مجتمع، وليس محاولة في لعبة يمكن الخروج منها والمحاولة ثانية وثالثة..بل ذلك تدمير للمجتمع، وإفشاء للخلافات والمشكلات فيه.

تأسيس الأسرة يبدأ من اختيار الزوج لزوجته ليصل إلى أعظم شراكة في الحياة، وأجدر بناء واستثمار .. فالاختيار الخاطئ الذي لا يقوم على أسس متينة صادقة صريحة يواجه صعوبة في استمراره كمن بنى بناء على أسس معوجة فإما سقط بناؤه أو بقي ممسكًا بالبناء يعاود ترميمه كل فترة ولا يأمن العيش فيه بسعادة.

ويجب على كل شاب وشابة، يقدمون على الزواج توعية أنفسهم بالحياة الحقيقية ومواطن اللذات ومواطن الواجبات، ويحرص كل طرف على تأدية ما عليه وأن يكون سببًا في سعادة الطرف الآخر.

وعلى كل فتاة تقبل على الزواج أن تعرف أوجب الواجبات عليها، ولتعلم أن زوجها وخدمته وطاعته أوجب من خدمة أي قريب حتى لو كان والدها إلا أن يسمح لها الزوج بخدمة من تريد خدمته .. ومن العشرة بالمعروف أن لا يقف الرجل عائقًا بين الزوجة وخدمتها لأبويها إلا أن يتضرر هو أو بيته فله أن يرفض ما يلحق بحياتهما الضرر.

كما يتوجب على الزوجة أن تعرف سيرة سيدات البشر أمهات المؤمنين العفيفات الطاهرات المؤنسات المتأسيات، وكذلك سيرة الصحابيات، وكيف كان إجلالهم وتقديرهم لأزواجهم .. وكيف أن خديجة رضي الله عنها بشرت ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب.

أين تلك النساء التي ترجو أن تكون مصدر الراحة للزوج .. صوتها له همسًا .. وخدمتها له فخرًا .. يلجأ لها إذا تعب فيجد عندها راحة وأنسًا.

على المجتمع أن يقف وقفة ثابتة للتصدي لتلك الظاهرة، وعلى الأفراد توعية أنفسهم رجالًا ونساءً.. ويبتعدوا عن الانفعالات، وعليهم حل المشكلات بدائرة ذات معالم واضحة.

كما أنه على وزارة التعليم توعية المجتمعات من خلال المناهج، وعلى وزارة العدل إقرار وجوب تجاوز دورات تأهيلية يشترط الحصول عليها قبل عقد القران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com