المقالات

سعد الجبري..هل هو مجرد فساد؟!

تفاصيل مذهلة أوردتها صحيفة “وول ستريت جورنال”، الجمعة 17 جولاي 2020م حول عدة جرائم ارتكبها مسؤول سابق بوزارة الداخلية، تم تهريبه انطلاقًا من تركيا إلى أمريكا وصولًا إلى كندا كحاضنة لكل معادٍ للسعودية.

الخبر صاعق ومحزن ومؤسف لعامة الناس بالمملكة، وهذا طبيعي، لكن مثل هذا السقوط الكبير يثبت أن ثقتنا المطلقة كمواطنين في قيادتنا التي أعلنت الحرب والجهاد ضد الفساد، هي خيار وطني استراتيجي، كما أن هذا الكشف الخطير يزيدنا ثقة في وزارة الداخلية، ورجالها، وفروعها، وتفوقها، وتاريخها المجيد.

الأمر جد خطير ومتشعب، وتعلمه جيدًا قيادتنا وأجهزتها بكل هدوء ودقة وتلاحقه بالأدلة منذ مدة، وعلينا مراجعة عدة مفردات عميقة في معانيها وخطيرة في تنفيذها، قالها ولي العهد القوي الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان في عدة مناسبات حول حتمية خوض هذه الحرب الضروس إلى النهاية.

صحيح إن عصابات الفساد موجودة في كل دول العالم، وتمارس فسادها في أطراف الحكومات، وهذا ليس بالشيء الجديد؛ لكن في المملكة الوضع يختلف جذريًّا، والذين يُمنحون الثقة كان يفترض أنهم أهل لتلك الثقة بداية دون أدنى شك، وتحت المراقبة الأمنية القانونية الدائمة خلال العمل الوظيفي كحماية للدولة وللموظف نفسه.

هل كان كل من سبق سعد الجبري: جمال، علوي، عادل، وظالم، ومستتر وساتر ومستور أهل للثقة؟. بالطبع لا، ولا يساوون كأشخاص بعد انكشاف حقيقتهم قيمة كراسي مكاتبهم، ورغم خطورتهم وفسادهم فهم لايشكلون إلا أفرادًا ارتبطوا بعصابات معادية، وحتى وإن كانوا بالمئات فهم في محيط كبير نقي وصالح ومخلص من الموظفين والمسؤولين والمواطنين.
وقد يكون السؤال المهم، هل بقي لهؤلاء الفاسدين جذور تحت الأرض وفوقها، والجواب بالتأكيد أن لهم أبعد من الجذور والفروع وسيطاح بهم؟

وقد يتساءل البعض ويقول أين كانت الأعين عن هؤلاء؟، والجواب هو: أن الفساد بشخوصه وعصاباته ينمو في الظلام، ويحظى بحمايات محلية وعالمية معقدة حتى تظهر ملامحه وبعض الدلائل، فيتم رصده وتتبعه طويلًا ثم كشفه في النهاية وهذا ما حصل.

إن الكشف عن شبكة فساد عنوانها هذا الفاسد الكبير الهارب “الجبري” يذكرنا بغيره من الذين عملوا مستشارين في مواقع أمنية خطيرة تم طردهم. ويذكرنا بمنافقين فاسدين تم استزراعهم لممارسة الفساد وأطيح بهم. وهذا السقوط “سعد الجبري” يبين لنا حجم التغول لتيار الإخوان المتآمرين. ويبين للناس مدى التخادم بين هؤلاء الثعابين الإخوان الغادرين وبين عقارب الليبرال الجبناء، وكيف يتحرك كل منهما في ظل الآخر دون اتفاق مُسبق!.

إن ماكشفه المحققون السعوديون وما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، يثبت لنا وللعالم صحة قرارات الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز، كما أته يعزز ثباتنا ووقوفنا صفًا واحدًا خلف الأمير الشجاع الصارم محمد بن سلمان -حفظهما الله- ، ويطمئننا بأن استبعاد وطرد ومحاسبة رؤوس الفساد، وكل من يغطيه ويحميه وصولًا إلى من يمتلك أسراره ويعلم ارتباطاته، أصبح نهج سعودي قيادي وشعبي.

حوالي 12 مليار دولار من أموال الدولة عبث بها الهارب “الجبري”، وهذا ليس مجرد اختلاس لأموال وفساد وحسب!، بل هو اختراق محلي وعدوان يرتبط بالخارج تمت متابعته طويلًا بتفرعاته الخطيرة وارتباطه بشركات، وربما حكومات ومخابرات أجنبية. وبالطبع هو لم يكن مجرد جشع فردي هدفه سرقة أموال الدولة والاستئثار بها، بل ستكشف لنا الأيام القادمة حجم القضية، وارتباطها بالخارج وبتيار الإخوان الخطير المتغول، وبأفراد ربما من الوزن غير المتوقع محليًّا ودوليًّا.

 ومن المؤسف أن البعض ممن نالوا الثقة لم يستوعبوا بعد كلام سمو ولي العهد بشأن محاسبة “كائن من كان”. وفعلًا لدينا كائنات تحتاج للمحاسبة، وسيحاسبون حتمًا بعون الله، والحبل على الجرار وسنرى.

أخيرًا؛ فمن المؤكد أن قضية “الجبري” ومن سبقوه سواء الهاربين أو المقبوض عليهم، ستطال أثارها بعض الرؤوس في بعض الأجهزة الأخرى حتى أولئك الذين خرجوا من الخدمة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. سعادة اللواء
    حفظك الله ورعاك مقالاتكم الرائعه متنفس فكرى لنا ً
    سعادة اللواء
    جميع هؤالاء العملاء والفاسدين وفي جميع الحقب الزمنية وعلى جميع المستويات وبعد ان وقع الفاس في الراس يجب ان تؤخذ جميع الحالات وتدرس دراسة عميقه لكي يتم الاستفادة منها ومعرفة اين الخلل او ولد عمه لكي لا يتكرر او ياخذ اشكال مشابهه

  2. مقال رائع بارك الله فيكم سعادة اللواء .
    والله انه ليتفطر قلبي وانا ارى الجبري يؤدي القسم ويخون الأمانة،
    . والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يكون هناك متابعة لما يصرف واين يصرف؟ يجب ان يكون عملنا مؤسسي على مبدأ الثواب والعقاب.
    اللهم أحفظ وطننا بحفظك وابعد عنه كل خائن وحاقد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com