المقالات

إعطاء علوم التسويق شرف خدمة مكة المكرمة

تتحدث الكثير من النظريات حول التسويق السياحي وتتنوع المفاهيم والأطروحات الواردة في ذلك، ولعلنا نسلط الضوء على هذا الموضوع من زاوية مختلفة والنظر لمكة المكرمة كعلامة تجارية لها مكانتها الدينية في العالم.
ومما لا يخفى أن تحويل أي مدينة في العالم إلى علامة تجارية جاذبة للسياح أو المستثمرين، وتشكيل صورة ذهنية معينة ليس بالأمر السهل فكما هو الحال في العلامات التجارية للسلع والخدمات التي لاتصل لمكانتها في السوق إلا بعد خوض تنافس شاق وجهد مضاعف لترسيخ هذه العلامة وقيادة السوق،
إذ إن هناك مدن وعواصم عالمية تعد علامات تجارية عريقة راسخة في أعين الزوار (باريس ولندن نموذجًا)، وليست مستعدة في أي حال من الأحوال أن تتنازل عن هذه المكانة بسهولة فهي من المدن التي تقع ضمن خيارات السائح ولديه الاستعداد أن يتجه إليها دون أي ضغط تسويقي، وذلك بسبب الهالة التي تحيط بها، رغم أن غالبية المدن التي برزت كوجهات سياحية عالمية مؤخرًا اتسمت بالتكاليف المعيشية العالية جدًّا، بالإضافة إلى أن بعض شعوب هذه المدن لا يتمتع باللباقة المطلوبة أو الانفتاح على الآخر.
والكثير من العواصم العالمية تتسابق للدخول في قائمة المدن الأعلى زيارةً بل تدفع المبالغ الطائلة لتحقيق هذه الغاية فقد قررت كوبنهاجن الدنماركية على سبيل المثال صرف 20 مليون كرونة دنماركية ما يعادل 12 مليون ريال؛ لتسويق المدينة وجذب السياح لها رغم أجوائها وطبيعتها التي تسوق لها من دون تسويق فقط؛ لأنها لاحظت انخفاضًا في الاقبال عليها والاتجاه أكثر لأمستردام.
وبالرجوع إلى واقعنا المحلي وقبلتنا الأبدية تتمتع مكة المكرمة بصفات حباها الله وتنفرد بها عن باقي المدن، ومجمع عليها من الناحية الدينية والتاريخية وهي لا تقتصر على الجوانب الدينية فقط، بل هناك عدة مميزات يتطلب إبرازها والتسويق لها وبحث وتحليل كل المزايا التي تتمتع بها، وتمتلكها والعمل على تسويق ذلك من خلال تطعيم الكادر الحكومي بمختصين تسويق يتنقلون بين مفاهيم تسويقية حديثة تُعنى بإدارة العلامة التجارية وسلوك المستهلك والحفاظ على الصورة الذهنية، والاهتمام بالزوار وخلق الميزة التنافسية؛ والابتكار والتطوير، وإعطاء علوم التسويق شرف الترويج لمكه المكرمة، واستهداف الاستقطاب إليها.
وبمقارنة غير عادلة مع الفاتيكان التي تعد أصغر دولة مستقلة في العالم بمساحة لا تتعدى نصف كيلومتر ورغم ذلك فإنها من أهم دعائم الاقتصاد الأوربي، وتسجل كل سنة إيرادات أعلى من التي قبلها ويقال إن للفاتيكان بنك معروف باسم stituto per le oprer di religione يدير أصول بقيمة 64 مليار دولار ويحتفظ ب20 مليون دولار سبائك ذهبية في البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن توجه الدولة -حفظها الله- إلى الرؤية والتي تهدف إلى أن يزور مكة المكرمة ٢٠ مليون شخص سنويًّا اعتبارًا من العام ٢٠٣٠، والتخطيط في عام ٢٠٤٠ أن تكون مكة المكرمة قادرة على استقبال سبعة ملايين مصلّ في أي وقت، واستقبال الحجّاج في أكبر فندق بالعالم، والذي يتكون من عشرة آلاف غرفة، و٧٠ مطعمًا، لهو توجه يدعم هذا الطرح ويشحذ الهمم للارتقاء بكافة الأنشطة، ولا يمنع من الاستفادة من المفاهيم الإدارية والتسويقية الحديثة ويضع أمام المسئولين عن كل مدينة داخل المملكة وتحديدًا مكة المكرمة مهمة التغيير والتطوير وتوظيف عناصر القوة التي تجعل من المدينة علامة تجارية جاذبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى