جدارية شاعر

لحظة عناق..

مابين الحياة والممات، تجري الايام وكأن القطار انطلق من محطة لم تحدد وجهتها الثانية، بين وجوه غرباء وصمتهم القاتل ورحلة طويلة كانت خطواتي مثقلة، وكأني مقيدة أنتقل من عربة لأخرى لأجد في كل عربة أحداث تعرقل تقدمي للوصول إلى العربة الأخرى، كان الجهد والتعب يستنزف قواي وصرخاتي، وصوتي لم يكن مسموعاً بين كل أولئك الغرباء، في وسط تلك الرؤية الضبابية.. أقترب من بين الركاب وجه مألوف كأنه ينتظر قدومي، كانت رفيقة صغري “جدتي” وحين ابتسمت؛ كانت تلك الابتسامة كَضمادة تخفف عبوس وضجر الرحلة والغبار الذي يحيط بنوافذ القطار، فيضيع رؤية ما قد يكون هناك في وسط ذلك الحلم المزعج، جلست بجانب مقعد جدتي كأننا قد قطعنا تذكرة تلك الرحلة معاً، إلا أني هرعت لحظنها لأبقى فيه أكثر من جلوسي في ذلك المقعد بجوارها، هل عدتُ تلك الطفلة التي تربتُ على كتفها جدتها بهدوء لتنزع عنها ضجر الحياة؟
أخذت تتمتم بكلمات لطيفة استمرت تكررها طيلة تلك الرحلة، شعرت بأن جسدي المنهك يذوب كقطعة سكر في ماء، كان هناك الكثير لأخبرها به، فلم تكن الحياة منصفة معي أبداً، لكني لم أرد أن أزيل ابتسامتها التي أهدتني الأمل بعد اليأس، والهدوء بعد الضجيج، كانت ثورة، وانطفأت في لحظة عناق..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى