منتدى القصة

صدقة نيّة..

هم من يفرون فؤاده شجنًا حين يلقاهم، بل إن جلّ سعيه للثراء؛ كان ركضًا منه لمحاولة تحقيق أحلام من يتبقى منهم في انتظاره، لا شك أن مشاهدة متسولٍ يتلو لحن الفقر بعد صلاة العشاء ستحرك في وجدانه ما تصدقه جوارحه، من هذا دس يديه في جيوبه بحثًا عن مبلغٍ لن يحتاج إليه أكثر من هذا المسكين كبير السنّ، لم يجد سوى مفتاح سيارته، خرج مسرعًا على غير عادته ليبحث في سيارة قديمة مهترئة عن أموال الصدقة التي نذرها، سرعان ما كان يجلس خلف المقود محبطًا ألا نقود سيجدها، لمعت عينه بينما يتذكر أن بإمكانه عوضًا عن ذلك إيصال هذا الشيخ الفقير بعدما ينوي العودة لمنزله، حدّق ينتظر بينما يراجع الكلمات التي ينتوي قولها إليه.
بعدما اختفت آخر الخطوات ورفع عنقه بحثًا عنه ولو في آخرهم، سهمت عينه بحثًا عما عادت به مبشرة، خرج من سيارته بينما يطرد حاجز الخجل مسلمًا عليه، ثم قال بعد سماع رده للسلام: “أهلاً بك يا عم، معذرة فإني لما سمعتك لم أجد مالاً معي، ولكني أعتذر عن تقصيري بأن أوصلك إذا سمحت إلى المنزل”
تعجب الشيخ المسكين من طلبه؛ لكنه رضي أمام محاولاته أن حاجته إلى من يوصله ضرورية، سرعان ما كان يفتح للشيخ المسكين باب الراكب وقد تهللت أسراره، حقًا “ما أقبح الفقر وما أجمل الفقراء”!
جلس يستمع إلى عبارات الشكر والتقدير التي يقاطعها توجيه بالالتفاف أو الاتجاه يسرة ويمنة، فجأة.. توقف محرك السيارة عن العمل، وأطفئ ذلك لمعة عين السائق المغمور بالرضا ويتلعثم لسانه بينما يردد: “الوقود.. ليتني توقفت لتعبئته.!”
حاول تشغيل السيارة مجددًا بينما ترتجف يده التي تعلقت بها عيناه هربًا من تعجب الشيخ المسكين منه، حينما عجز عن التشغيل بل وكف المحرك عن إشعاره بأنين الطاعة والموافقة العاجزة عن تغيير شيء، التفت محرجًا ليعتذر مرة أخرى من الفقير المسكين لأنه لن يستطيع إيصاله لسوء الحال، سرعان ما كانت عينه تراقب الشيخ المسكين وقد مد إليه ورقة من فئة (٥٠٠) ريال مبتسمًا، وفتح الباب ليبحث عن سيارة أجرة تكمل به طريقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى