حوارات خاصة

إبراهيم حمدتو لصحيفة “مكة”: الإعاقة وهم وأنتظر تحقيق لقب العالم

حوار: محمد بربر

_ حادث قطار كان نقطة انطلاقي إلى العالمية وأحظى بدعم سواعد المصريين

– إبراهيم حمدتو لصحيفة “مكة”: الإعاقة وهم وأنتظر تحقيق لقب العالم

شخص استثنائي للغاية، يأسرك الحديث معه حين تتأكد أنه من رموز الرياضة والإرادة معًا، نموذج مدهش صنع تاريخه حينما تحدى إعاقته وواجه الجميع حتى وصل إلى العالمية رغم ضعف الإمكانات وقلة الحيلة في كثير من الأوقات، هو البطل إبراهيم حمدتو الذي أبهر العالم أخيرًا خلال مشاركته في بطولة الألعاب البارالمبية حتى كان حديث وسائل الإعلام واهتمت وزارات الرياضة في كثير من الدول بدعوته لإجراء مباريات استعراضية مع نجومها. وكان لـنا معه حديث آخر،

س: أنت أول لاعب في تاريخ المشاركات الرسمية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة بدون يدين، كيف بدأت القصة ؟
ج: الحمد لله على كل حال، وأنا وصلت إلى العالمية بسواعد كل المصريين الذين ساعدوني وقدموا الدعم لي بداية من أسرتي وجيراني ومعارفي وليس انتهاء بالاتحاد الدولي لتنس الطاولة، هذه اللعبة أصبحت تسري في دمي خصوصًا وأنا أمثل مصر في الأولمبياد الخاص بالبرازيل، وعلى الرغم من عدم الفوز بالبطولة إلا أن مشاركاتي كانت جيدة وأنا راضٍ عنها.

س: إبراهيم حمدتو، تحديت الكثير من الصعاب منذ طفولتك حتى أصبحت الآن رمزًا للإرادة، هل لنا أن نعرف أصعب الأوقات التي تجاوزتها ؟
إذن نتحدث عن البداية فأنا أبلغ من العمر 43 عامًا ولدت في العام 1973 وهو عام الانتصارات الذي أعشقه وأقول لأبنائي دائمًا إن حرب أكتوبر سطرت في كتب التاريخ كرامة وكبرياء المصريين، وأنا من قرية كفر سعد البلد التابعة لمركز كفر سعد بمحافظة دمياط، تعرضت وأنا في سن العاشرة إلى حادث مؤلم ترك آثاره بداخلي، قطار مسرع كان على وشك أن يدهسني وفقدت على أثر الذراعين، يوم لا أنساه في حياتي لكن أعتقد أنه كان نقطة الانطلاق خصوصًا وأنني ظللت لفترة أعاني من الاكتئاب وأفضل الابتعاد عن الناس حتى أن أقرب معارفي كانوا يحاولون إشراكي في اللعب معهم، الحادث جعلني شخصًا آخر أبحث عن نفسي وأرسم في مخيلتي الأحلام التي أود أن أصل إليها، تخيل أن هذا الحادث جعلني أتعرف على نفسي بشكل أكثر وضوحًا وطموحًا، وبالفعل نجحت في الحصول على شهادة الثانوية الأزهرية بعد ذلك واتجهت للبحث عن رياضة تناسبني.

س: كنت تحب رياضة كرة القدم مثل الآخرين من أقرانك ؟
ج: أعشق كرة القدم منذ صغري لكن لا يمكنني أن أمارسها نظرًا لأن الذراعين تحمي اللاعب طوال المباراة خصوصًا حين يسقط على الأرض، لكن المدهش أن صديقين كانا يلعبان معًا رياضة تنس الطاولة التي تتميز بالذكاء والدقة والندية الشديدة فضلا عن أنها مفيدة للكثير من عضلات الجسم، وحين حاولت معهما وجدت أن الأمر ليس بالصعوبة التي كنت أعتقد، وبدأت فعليًا في ممارسة تنس الطاولة.

س: ومتى كانت رحلتك مع الاحتراف حتى وصلت إلى العالمية ؟
في العام 1985 بدأت أمارس اللعبة في نادي دمياط ونادي الحرية ببورسعيد وشاركت في مباريات عديدة للاتحاد المصري كما حصلت عام 1991 على المركز الأول محققاً لمصر الميدالية الذهبية في بطولة أفريقيا وفي العام 2001 حصلت على المركز الثاني في البطولة ذاتها والميدالية الفضية وكان علي أن أبحث عن نطاق آخر بعيدًا عن المنافسة على مستوى القارة الأفريقية، قررت المشاركة في بطولة العالم للمعاقين عام 2006 وحصدت المركز الرابع ولكنني قررت أن أكمل المشوار، حتى شاركت في بطولة العالم في 2016 والحمد لله حصلت على إشادة دولية حتى خلال مشاركاتي في تصفيات 2014، وألعب منذ سنوات في فريق اتحاد الشرطة الرياضي لتنس الطاولة.

س: ما أبرز العقبات التي واجهتك خلال هذه الرحلة الشاقة ؟
كانت عقبات صعبة للغاية بداية من عدم وجود أماكن يمكن ممارسة الرياضة فيها، كنت أذهب يوميًا من كفر سعد إلى دمياط الجديدة حتى يمكنني خوض التدريبات التي استمرت ثلاث سنوات، ولم أعتمد على الرياضة يومًا واحدًا في التكسب بل أنفقت عليها، والمشكلة الثانية تتمثل في أن نفقات اللعبة مكلفة للغاية وأقل مضرب تنس يتجاوز حاليًا 2000 جنيه فضلا عن الطاولة والملابس، إلى جانب ذلك ظللت أتعلم كيفية مسك الكرة لشهور، تعودت على ذلك بالتدريج، أمسك بالمضرب بأسناني وأرفع الكرة بأصابع قدمي ثم أضربها وقد يسبب ذلك لي الكثير من الآلام في الفم في أحيان كثيرة لكني أعشق هذه الرياضة، وأنا أعمل حاليًا خطاط وأرسم بفمي عن طريق الأسنان تحديدًا، وأجيد العمل على الكمبيوتر، كما أنني إداري بإحدى مدارس التربية والتعليم، ولدي 3 أبناء هم محمد طالب بكلية الهندسة ومي بالمرحلة الثانوية وملك بالصف الثاني الابتدائي.

س: هل تساعد ذوي الإعاقة بخبراتك الممتدة وموهبتك التي بلغت العالمية ؟

بالطبع قمت قبل أعوام بإنشاء جمعية لذوي الإعاقة ببلدي وتضم عددًا من أبناء دمياط وأهم ما في هذا التجمع هو الترابط ونقل المشاعر الإيجابية وترسيخ الأمل والتحدي لخلق الإنجازات داخل كل واحد من الأعضاء، وخضنا الكثير من المنافسات في مجالات مختلفة، وقبل عامين نجحنا في الصعود للدوري الممتاز للكرة الطائرة للمعاقين وأتواصل بشكل مستمر مع ذوي الإعاقة في جمعيات ومؤسسات مصرية وعربية لتقديم الدعم والمشاركة في الندوات والمؤتمرات، وقد دعاني رئيس الإتحاد الدولي للعبة تنس الطاولة للمشاركة في مباريات استعراضية خلال بطولة كأس العالم ولعبت مع المصنف الأول عالميًا “مالونج” وقدمت أداء جيدًا أشادت به الصحف ووكالات الأنباء.

س: ما أهم محطات التكريم التي تقف عندها خلال مشوارك الرياضي ؟
التقيت الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو لقاء جميل وأسعدنى شخصيًا بشكل كبير لأنه مع “كبير المصريين” كما كرمتني دول مثل اليابان والإمارات وإندونيسيا والبرازيل إلى جانب تكريم الاتحاد الدولي لتنس الطاولة، كما حظيت بتكريم بعض الغرف التجارية والسفارات والأندية الرياضية.

س: هل كان هناك دعم حكومي لك أثناء مشوارك وخصوصًا في المنافسات العالمية ؟
بشكل كبير نعم فهناك دعم وزارة الشباب والرياضة التي وعدتني بصرف مكافأة قيمتها 50 ألف جنيه إلى جانب أن هناك دعم معنوي ومادي لا يمكن تجاهله، غير أنني أدعو الوزارة إلى تبني ذوي الإعاقة بشكل أكبر لأنني مثلا حظيت بالملابس والأدوات الخاصة باللعبة في الأعوام الأخيرة عن طريق شركة دولية وبالمجان كما أن بطل العالم سيد لاشين قدم لي الكثير من الهدايا.

س: ماذا تعني لك الكلمات التالية في حياتك ؟
الزوجة: ربنا يبارك فيها، وقفت بجواري طول الرحلة وتدعمني وأقول لها شكرًا على كل تعبها
الإرادة: أحيانًا أعتقد أنني أملك الدنيا بسببها
الفشل : طريق طويل يجب أن نحذره منذ البداية
الإعاقة: وهم كبير وكل شخص يمكنه تجاوزه بالإرادة
بطولة العالم: أنتظرها في الأعوام المقبلة لأرفع اسم مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com