الثقافيةعام

“الجَرين” .. أداة المزارعين قديماً وملتقى أهالي القرية

سخّر المزارعون قديمًا لحراثة الأرض وحصادها، جميع الأدوات البسيطة المتاحة في ذلكالوقت، ولم تكن حراثة الأرض وزراعتها وحصادها بالأمر السهل للمزارع قديماً كما هوالحال في يومنا هذا، وكانت متطلباته ترتكز على أساسيات وتوجهات لنوعية الزراعةسواء في البقوليات أو الثمار، ولكل منها أدوات يتميز بها المزارع عن الآخر.

ورصدت وكالة الأنباء السعودية “واس” الجَرين أو المربد وهو أهم أدوات المزارعين بالمملكةقديماً، ومنهم مزارعو أهالي قرى الطائف وجنوبه ومراكز محافظة ميسان، وتختلفمسمياته من منطقة إلى أخرى، وهو المكان الذي يجفف فيه بعد الحصاد فيما يعرف“بالصريم” مثل التمر أو الثمر كالحماط والعنب، والقمح والشعير والدخن والذرة.

ويعد الجرين المكان الأبرز لتجميع السنابل ودرسها ودياستها بالثيران؛ لاستخراجالحبوب منها، ومنطقة تستخدم للراحة، وملتقى لأهالي القرية والسمر، ومكان لعقدالزواجات والاحتفالات حسب تقاليد الموروث الشعبي لكل قرية.

ويأتي الجرين عادة مربع أو مستطيل الشكل، وأرضه صلبة جداً، عبارة عن أحجارمرصوفة مصفحة، ويهتم أهالي القرى باختيار مكان بارز للجرين يستهدف التياراتالهوائية حتى تنفصل عن التبن العالق بها، وكذلك سقوطه على أشعة الشمس من كافةالاتجاهات، للمساعدة في فصل الحبوب عن الأعلاف وتجفيفها ومن ثم تصفى وتغربلبفعل هبوب الرياح.

ويشترك في أعمال الجرين النساء والرجال على حد سواء، وهناك فرقة أخرى غالباً ماتكون من النساء تقوم بفصل الحبوب عن التبن، والتي هي بقايا السنابل وهذه العملية  تتم بواسطة هبوب الرياح برمي المحصول إلى الأعلى فتنزل الحبوب للأسفل بحكم ثقلها وتحمل الرياح التبن بعيدًا عنه وبهذا يتم فصل التبن عن الحبوب، أو عن طريق أداة المرداد،والتي تستخدم أيضاً في فصل كافة الشوائب، وكذلك أداة مشط الأرض، وهي من الأدوات الزراعية البسيطة .

وتحكي مستورة المالكي إحدى المزارعات القدامى في بني مالك جنوب الطائف عن ممارسة أعمال الزراعة في الماضي، بقولها: “أدركت أعمال تلك الجُرُن فيما خلا من سنين طفولتي وشبابي، و كانت الجرن موقع الدياسة، ويتم فيه تجميع سنابل الحبوب بعد حصادها فيما يعرف ( بالصريم)، وبعد الدياسة وفصل الحبوب بالدواب، تأتي عملية الذري وهي تعريض الحبوب للتيارات الهوائية حتى تنفصل عن التبن العالق بها”.

وأوضحت المالكي وجود العديد من المصاعب خلال ممارسة الأعمال الزراعية في الماضي،مثل: عدم وجود الكهرباء وشح المياه ونقلها، مما يضطر إلى بذل جهد مضاعف، وفي إعدادوتهيئة الأرض زراعياً، والبدء بتقليب التربة في أولى مراحل الزراعة، والتي تتم بواسطةالدواب والمستخدم غالباً الثيران التي تجر معدة تقليب التربة، والبعض يستخدم الحمير،لكن أولئك قلة؛ لأن الحمير كانت تستخدم غالباً لجلب الحطب والأعلاف الحيوانية منالمناطق الجبلية المرتفعة، وكذلك حمل الأعلاف من المزارع، والحصاد مثل: (الذرة، والشعير،والحنطة)، وبيعها في الأسواق المعروفة أسبوعياً كسوق الخميس وسوق الجمعة في قرىبني مالك.

وأشارت إلى أن في كل موسم حصاد يجتمع أهالي القرية منهم من يقوم بجز عيدان القمح أو الذرة وربطها في حزم، وحملها إلى مواقع الجرن، وهنا تقوم فرق الدوس بالضرب على السنابل لتخليص الحبوب منها بواسطة عصا تعرف بالمرداد، وكذلك يتم اختيار الوقت المناسب للقيام بعملية الدوس، فالذرة لا بد أن يتم دوسها في أوقات الظهيرة وتحت أشعت الشمس؛ مما يعرض فرق الحصاد لمشقة كبيرة وجهد مضاعف، والآن مع التطور التقني تم الاستغناء عن الجرين و المخبطة أو المرداد، بمكائن تنجز العمل بسرعة وفي وقت قياسي وأيد عاملة أقل.

جمعان البشيري

محرر صحفي - جدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى