المقالاتبروفايل مكة

الفقيد حسن الزهراني ..رجل البذل وصاحب الأُثر الجميل

قضى الفقيد حسن عبدالله الكناني الزهراني نحبه بعد مسيرة حافلة بالإنسانية والمهنية والبذل والعطاء، الراحل من مواليد عام 1391 ودرس الابتدائي بمدرسة الإمام البخاري، والمرحلتين المتوسطة والثانوية في معهد مكة العلمي وتخرّج عام ١٤١٠هـ، والتحق بجامعة أم القرى كلية اللغة العربية قسم البلاغة والنقد (تخصص دقيق) وتخرّج عام ١٤١٤هـ، وتعيّن بالمحكمة الكبرى بمكة منذ عام ١٤١٦هـ وترقّى بها حتى أصبح رئيس كتّاب ضبط المرتبة الحادية عشرة.

حسن عبدالله الزهراني – بالحكم

نشأ وسط أسرة فاضلة تعلم منها حسن الجوار وإكرام الضيف وإشاعة روح النبل بين الٌأقارب واحترام الكبير والحنو على الصغير ونشأ متجاذبا مع كل موجهات العطاء والخير في أرجاء قبيلته الشهيرة بالوفاء والكرم ووظف كل صفاته داخل حيّه الصغير وبين أبناء حارته الذين يرتبطون به بكل معاني الصداقة والمودة، كان نِعم الابن البار بوالديه كان رقيق القلب عطوفًا على أخواته محبًّا لهنّ محبًّا لفعل الخير ومبادرًا بالعطاء عند طلب مساعدة كل محتاج. وله صدقة جارية شهريّة منذ سنوات تخرج من راتبه، محبّ لتكاتف إخوته الرجال ويشجّع ذلك ويحث عليه، كان حسن محبوبًا من جميع أبناء وبنات إخوته وأخواته لأنه شخص لين الجانب ولطيف المعشر ذو شخصية مألوفة من الجميع فقد عُرف عنه الكرم والبذل مع أهل بيته وأسرته الصغيرة المكونة من أربعه أولاد وزوجة كريمة فاضلة ظلت رفيقة دربه وعونه في كل اتجاهات حياته.

غرس الراحل في أبنائه حب العلم فابنه حسام خريج جامعي و إياد في السنة الرابعة بالجامعة وعمّار في السنة الثالثة بالجامعة ويزن بالصف الأوّل الثانوي، كان محباً للأدب ومتذوقًا للشعر ويكتبه ويقرضه، رفيقاً لكل من عرفه مسانداً للجميع عاش كنسمة عاطرة ملأت أرجاء منزله وحارته وعشيرته بالذكر الطيب والقول الحسن والأثر الجميل.

رحل وأبقى خلفه إرثاُ من الذكرى الجميلة في نفوس الجميع وسبقته أعماله التي كان حريصا عليها في كل أبعاد الحسنات والطاعات الظاهرة والباطنة وأوجع فراقه محبيه الذين أمطروا جنازته بالابتهال والدعاء وعزاءهم ما أبقاه من أثر مستديم وما خلفه من ذرية صالحة.

انتقل إلى رحمة الله يوم الاثنين ١٤ ربيع الأول ١٤٤٤هـ و ووري جثمانه الثرى يوم الثلاثاء ١٥ ربيع الأول الجاري بمقبرة الشهداء في مكة المكرمة.

– من صور الوفاء عند أبا حسام مع أخيه محمد، رسالة خلّدها الراحل للأجيال ننقلها لكم كما يرويها لنا شقيقه التربوي الشاعر محمد قائلًا:
عندما تقاعدتُ من العمل كتب الراحل هذه الكلمات في قروب العائلة:

الليلة كانت ليلة جميلة ورائعة بكل ماتعنيه الكلمة، توجت بتكريم شخصية سيفقدها التعليم كثيرا من منسوبين وطلبه. شخصية كان لها دور كبير ودافع معنوي عظيم في حياتي التعليمية، فمنذُ أن بدأنا صغاراً وهو لم يفارقني لحظة، بل كان يقف بجانبي في كل صغيرة وكبيرة، كان بالنسبة لي الإنسان الحنون والعطوف والخدوم فكان بإحساسه الجميل يقدم لي كل ما أحتاجه من خدمات دون أن أطلب منه، كان يشعر بي ويقرأ أفكاري، كان عوناً ومعينًا في تجاوز الكثير من العقبات والصعوبات التي واجهتها في المرحله الابتدائية عندما كان يرسم لي في اختبار مادة الرياضيات عندما كان يساعدني في خلع ثوبي لممارسة حصة البدنية وكذلك إلباسي الثوب بعد نهاية الحصة، ومساعدته أيضا في ربط حذائي الرياضي(أجلكم الله ) عندما ينحلّ من قدمي. لا أنسى أيضا عندما كان يحمل عني كتبي المدرسيه في الصف الأول والثاني عندما كان يشجعني في لعب كرة القدم سويا وكان يقدمني على نفسه كثيرا، لا أنسى له وقفته معي عندما تغيبت عن المدرسة في الصف الأول الابتدائي لأكثر من أسبوعين حيث هو من كان يقوم بحل واجباتي جميعها وكذلك في الصف السادس الابتدائي عندما تغيبت أيضا تقريبا 18يوما كان قريبا مني جدا ومشجعاعظيما لتجاوز هذا العارض، وبالطبع فرقتنا المرحلتين المتوسطة والثانوية عن بعضنا البعض وكنت أحس وأشعر بذلك منه، ولكنه رغم افتراقنا إلا أن قربنا ازداد وعلاقتنا الأخوية قويت وترسخت من حيث اهتمامه ومتابعته لي ومساعدته في كل صغيرة وكبيرة.
ويكمل الراحل رسالته؛ وفعلا تخرجنا سويا، وأبى إلا أن نكون معا ووافق على التخصص الذي اخترته أنا وأنا على يقين أنه لم يكن يرغب فيه إلاّ إنه قبل به ليكون قريبا مني وبجواري، وكان حريصا أن نلتقي في أوقات فراغنا في الجامعة وكان كثير السؤال عني والقرب مني. كان يقدمني في كل شيء رغم أنه افضل مني في كل شيء، كان يفرح بنجاحي أكثر من فرحه بنجاحه، كان يفهمني من نظرة ومرات كثيره من دون ذلك.

ويؤكد الفقيد -يرحمه الله- في رسالته : محمد اشترط ألّا يقام زواجه إلّا معي وفي ليلة واحدة وذلك بعد أن أجد وظيفة مناسبة. محمد لم يلبس المشلح في ليلة زفافنا وتنازل عنه إكراما لأخيه الذي لايستطيع أن يفعل ذلك.

محمد ليس مجرد أخ فقط، بل إنسان شهم صاحب قيم ومبادئ أصيلة ونقية وراقية قلّ أن نجد مثلها الآن، صحيح لم أقدم له هديه في هذة المناسبة، ولكن أحببت أن أعبر له عما في خاطري في هذه الليلة وأقول له: “جزاك الله عني خير الجزاء ولاحرمني عطفك وحنانك وإخلاصك”
(أخوك الذي لاينكر ماقدمت له طيلة 47 عامًا من وقفات إنسانية صادقة)

“حسن”

تعليق واحد

  1. شكر الله لك أخي الكاتب على هذ المقال الجميل
    ورحم الله أبا حسام وغفر له
    هذا المقال غيضٌ من فيض لايوفي أبا حسام حقه
    ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق
    وأما الأخ محمد أبو عبدالله فإن الكلمات تعجز عن وصفه مع من كان بعيداً فما بالك بأخيه وأقاربه حفظه الله ورعاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى