المقالات

جوهرة التاريخ ومقصد السياحة العالمية.!

✍️ جمعان البشيري 

ما دفعني للكتابة عنها على وجه الخصوص هو زيارتي لها في وقت قريب، حيث أتيحت لي الفرصة لاكتشاف جمالها الطبيعي وتاريخها العريق. ومع ذلك، واجهت بعض التحديات أثناء الرحلة، أبرزها صعوبة العثور على سكن بأسعار معقولة، حيث بدت الخيارات محدودة والتكاليف مرتفعة مقارنة بوجهات سياحية أخرى.!

وفي نهاية المطاف فضلت السكن بأحدى مزارعها الجميلة في “خيمة” وتحملت لسعة البرد القارصة في ساعات الفجر الأولى

إلاّ أن كل ذلك يتلاشى وانت تشاهد الجبال الشامخة تمتزج بالرمالِ الذهبيةِ كلوحةٍ رسمتها الرياحُ ، وتتخللها واحاتٌ خضراء كأنها نوافذ تطل منها الحياة وسط صمت الصخور العتيقة.!

وُصفت بأنها متحف مفتوح للطبيعة والتاريخ، حيث تحتضن آثارًا تعود لآلاف السنين، بدءًا من حضارة الأنباط ووصولًا إلى  معالم الحضارة الإسلامية.

قال عنها الرحالة والمستكشفون إنها جوهرة خفية في قلب الجزيرة العربية، ويراها الكثيرون بأنها الوجهة القادمة لعشاق التاريخ والطبيعة

تعدُّ إحدى أهم الوجهات التاريخية في المملكة العربية السعودية، إذ كانت منذ آلاف السنين مركزًا للحضارات القديمة، مثل حضارة اللحيانيين والأنباط، الذين تركوا فيها آثارًا خالدة تدل على ازدهارها كمركز تجاري وثقافي. وتعتبر مدائن صالح، أو الحجر، إحدى أبرز المعالم الأثرية فيها ، حيث سُجلت كأول موقع سعودي ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2008. هذه المنطقة كانت محطة رئيسية على طريق البخور القديم، مما جعلها ملتقى للحضارات والتجار عبر العصور.

جوهرتنا هي “العُلا ” التي تقع شمال غرب المملكة العربية السعودية، ضمن منطقة المدينة المنورة، وتتميز بموقعها الاستراتيجي بين الجبال والوديان، مما جعلها منذ القدم معبرًا رئيسيًا وهاماً للقوافل التجارية التي تربط الجزيرة العربية بالمناطق المجاورة. كما أن طبيعتها الخلابة، التي تجمع بين الجبال الرملية والتكوينات الصخرية الفريدة، تمنحها طابعًا سياحيًا مميزًا يضاهي أشهر الوجهات العالمية.

ارتبط الإنسان بالعُلا منذ أقدم العصور، فقد كانت موطنًا للحضارات الإنسانية التي ازدهرت على أرضها، حيث تركت الشعوب القديمة نقوشًا ورسومات صخرية تعكس تفاصيل حياتهم ومعتقداتهم. كما أن العُلا كانت معروفة بخصوبة أراضيها ووفرة المياه الجوفية فيها، مما ساعد في ازدهار الزراعة واستقرار السكان فيها لقرون طويلة. واليوم، لا تزال العُلا تحافظ على هذا الارتباط الوثيق، حيث يقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم لاستكشاف آثارها والتعرف على إرثها العريق.

بفضل توجيهات حكومتنا الرشيدة ورؤية سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030، أصبحت العُلا اليوم واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المملكة والعالم. فقد تم إطلاق مشروعات تنموية ضخمة للحفاظ على آثارها وتطوير بنيتها التحتية، مثل مشروع “رحلة عبر الزمن”، الذي يهدف إلى تحويل العُلا إلى متحف حي مفتوح يستقطب السياح من جميع أنحاء العالم.

كما أن الفعاليات العالمية مثل “شتاء طنطورة” و”لحظات العُلا” ساهمت في وضع العُلا على خارطة السياحة الدولية، حيث تُقام فيها عروض ثقافية وموسيقية وسياحية تعكس التنوع الفريد لهذه المنطقة.

ختامًا: العُلا ليست مجرد مدينة أثرية، بل هي رمز للتراث والحضارة والتطور، حيث تلتقي فيها عراقة الماضي برؤية المستقبل. ومع الاهتمام الكبير الذي تحظى به في إطار رؤية 2030، تواصل العُلا تألقها كوجهة سياحية عالمية تُبرز للعالم جمال المملكة وتاريخها العريق.

جمعان البشيري

محرر صحفي - جدة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على صالح عبدالله إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى